محمد المر

حوادث الطريق – محمد المر

  • ألاحظ أن الضباب يزداد كثافة، لماذا لا نرجع إلى الشقة؟
  • نرجع إلى الشقة ونقضي فيها العطلة الأسبوعية؟
  • لم لا؟!
  • نحن لم نصل إلى الدوار الرئيسي الذي تبدأ منه الطريق، بعده سينجلي الضباب الذي أظنه يغطي مدينة أبوظبي فقط، الطريق ستكون سالكة إلى دبي، لماذا أنت متشائمة؟ ثم ما معنى سؤالك عن الرجوع إلى الشقة، أصدقائي في الشارقة لم أرهم منذ أسبوعين أخواتي مشتاقات إلي، ابنتك التي تركتها عند أمك مريضة، نرجع إلى الشقة، هذا كلام.!
  • لاتسيء فهمي، أكثر حوادث السيارات في هذه الطريق تحصل أثناء أيام الضباب الكثيف، واكثرها مرعب جدا ، نشاهد صورها الدامية في الجرائد، الساعة الآن العاشرة، سيتحالف ضدنا الظلام والضباب وبعض السائقين الآخرين ربما أصابهم النعاس أو السكر فطحنوا سيارتنا الصغيرة.
  • أعوذ بالله من هذه الأفكار السوداء، سيارتنا صغيرة ولكنها (بورش) قوية وفولاذية، وحتى إذا كان هنالك بعض الضباب الخفيف، فإن هذا أدعى لاحتياط باقي السائقين، تفاءلوا بالخير تجدوه، كنت تكررين هذه الحكمة كثيرا. هل نسيتها؟

سكوت إحساس بالضيق يملأ النفس صوت محرك السيارة مزعج حرك ماسح زجاج واجهة السيارة الأمامية ضغط على ولاعة السيارة. سوف يدخن كم تتضايق من رائحة السجائر، أكثر من مرة أرادت أن تخبره بذلك ولكنها لم تفعل.

زاد من سرعة السيارة 80، 90، 100. نظرت إلى يديها، باطن كفيها جاف اصابعها جافة، نسيت أن تشتري كريماً لليد، كانت تستخدمه في الماضي لجفاف البشرة. هذه الأيام تنسى الكثير من الأشياء نسيت أن تشتري مجلات الأسبوع، نسيت أن تتصل بصديقتها إيمان في العين التي اعتادت أن تحادثها مرتين في الأسبوع، نسيت أن تأخذ قطع القماش التي اشترتها في التنزيلات إلى الخياط نسيت موعدها مع طبيب الأسنان لا تتذكر سنها المسوسة التي تحتاج إلى حشو إلا عندما تأكل بعض الحلويات فيهز الألم فكها ورأسها وتلعن الحلويات التي لا تحبها كثيرا.

برزت الولاعة، كان قد وضع السيجارة بين أسنانه الأمامية، ضم فلتر السيجارة بشفتيه السمراوين ومست جمرة الولاعة طرف السيجارة الأمامي، فاحت الرائحة الكريهة ملأت أرجاء السيارة الصغيرة ضباب في الخارج وضباب في الداخل، سعل سعلة خفيفة، أردات أن تقول شيئاً لكنها سكنت لم يغير نوع السجائر التي يدخنها منذ خمسة عشر عاما. قال له أحد زملائه سجائر (الجمل) لا يدخنها الا البحارة والحمالون، وعلق زميل آخر قائلا: أرحم صدرك هذه السيجارة قوية جداً، نيكوتين خالص أخوه قال ضاحكا: ما علاقة الجمل، هذا الحيوان القبيح بالتدخين كانت تلك الملاحظة بداية لنقاش طويل عن معاني أسماء السجائر العالمية ولا معقولية معظمها. قال متسائلا:

  • ماذا قالت أمك عن البنت؟
  • أخذتها أمس إلى الطبيب حرارتها انخفضت كثيراً.
  • ما مرضها؟
  • قال الطبيب إنها ربما كانت نزلة شعبية خفيفة.
  • عندما كنت في الثانية عشرة من عمري اصابتني نزلة شعبية حادة. هزلت كثيرا حتى أصبحت مثل الهيكل العظمي، كنت أسعل باستمرار ظن أهلي أني أصبت بالسل
  • لم تخبرني بذلك من قبل.
  • هل من الضروري أن أخبرك بكل مرض أصابني طيلة حياتي السابقة؟
  • لا، لكن ذلك كان شيئا مميزاً.
  • المرض شيء مميز، ما هذا الكلام؟!.
  • لم أقصد ذلك.. كنت .. يعني….

إحساس بالضيق والصمت مرة ثانية، صوت المحرك صار أكثر إزعاجا. الضباب يزداد كثافة، أحست أن دخان السيجارة يحرق أنفها، ستصاب بسرطان الصدر من كثرة استنشاقها لدخان السجائر، سیستأصلون إحدى رئتيها. حجرة العمليات البيضاء تتدافع الممرضات بزجاجات الدم والحقن والأنابيب بمختلف الأحجام الأطباء يتقدمون بنظاراتهم السميكة وبأيديهم المحاطة بالقفازات يحملون المشارط والمقصات وهي تقطر دما

أطفأ السيجارة في منفضة السيارة بعصبية واضحة. أخوه يسخر منه دائماً ما الفائدة من الشهادة والوظيفة ابيض سالفاك ومازلت في درجة ثانية ثانية، أخوه يذكره دائما بالحقائق الحياتية الكتيبة والقائمة بطريقة فيها مزيج من الشماتة والغلاظة. منذ صغرهما كانت هذه طبيعته، صراحة جارحة، كم قلد عرجه الخفيف أمام أهله وأمام أبناء الجيران وطلبة المدرسة الابتدائية التي درس فيها ، كم ضحك من نزيف الدم من أنفه في الحوادث الخفيفة وأطلق عليه لقب ( الأنف الحنفية). أحيانا كثيرة تمنى لوكان وحيدا بلا أخ أو أخوات، ما فائدتهم طيلة حياته لم يشعره أحد منهم بأهمية علاقة الأخوة التي تربطهم به، ثم ما هذه العلاقة التي تفرض على الإنسان دون اختيار. قال مستبشراً. وصلنا إلى الدوار الرئيسي، ألم أقل لك إن الضباب سينجلي، ألا تلاحظين؟ منذ الآن ستصبح الطريق واضحة.

  • لا أدري، لا أظن أن الضباب قل كثيرا …
  • الضباب سينجلي سترين…
  • أتمنى ذلك

تمنت أن تكون من أوائل الثانوية العامة، كم ذاكرت، وكيف اتبعت كل إرشادات (دليل الامتحانات) تقسيم مواد المذاكرة تنظيم الوقت الانتباه للمواضيع الأساسية، وعدم إهمال النقاط الثانوية، التخفيف من المنبهات لاء هذه النصيحة الوحيدة التي عملت بعكسها)، الفهم بدل الحفظ الأعمى كل تلك الإرشادات وغيرها نفذتها بحذافيرها، ولكن طوال أيام الامتحانات أصيبت باضطراب وقلق نفسيين لم تفهم الواضحة، نسيت تواريخ وأسماء وأفكارا وجملا وفصولا وقواعد وأيات وأحاديث وقصائد ونظريات بكت في أربعة امتحانات. كانت ليالي تلك الأيام الفظيعة مثل جولة طفل في نفق أو كهف الرعب في مدن الملاهي والألعاب، ظلال مرعبة وجماجم مفزعة وصرخات مخيفة وقهقهات مجلجلة ووجوه كالحة وأسنان دامية. تخلت عن حلم التفوق وتمنت أن ينتهي كابوس الامتحانات بسرعة حتى لو سقطت في كل المواد، تعجبت عندما نجحت وحصلت على معدل معقول.

السيارات التي أمامهما أخذت تبطىء في سيرها وأشعت إشارات التحذير بسبب ازدياد تكاثف الضباب قالت:

  • لم لا تشعل إشارات التحذير؟
  • لا داعي لذلك.
  • ولكن باقي السائقين أشعلوها.
  • إذا كانوا حمقى، هل أنضم إليهم؟؟.
  • ولكن … ولكن.
  • ولكن ماذا ؟
  • الضباب يزداد بكثرة الإشارة مهمة … – مازلت أستطيع رؤية الطريق، نظري ستة على ستة.
  • سكنت وأصلحت وضع نظارتها على أنفها شعرت بالاختناق فتحت أزرار ياقة قميصها، تناولت علبة كولا وبدأت تشربها، نظرت إلى ساعتها، العاشرة والثلث.
  • تشتكين من أسنانك والكولا أكثرها سكر.
  • نظرت اليه باستياء واضح وزفرت بحنق واستمرت في شرب علبة الكولا.
  • أنا أفكر في صحة أسنانك.
  • وأنا أريد أن أتخلص منها، ما رأيك؟
  • لماذا انفعلت بهذه الطريقة ماذا قلت؟
  • لا شيء لا شيء، لم تقل شيئاً، لم تقل شيئا.
  • لا . لا ، أخبريني، ماذا قلت ما الذي أزعجك من كلامي.
  • لا شيء من قال إنني منزعجة من كلامك كل ما في الأمر أني أريد التخلص من أسناني الوانها سوداء وبنية وأشكالها مثل أنياب الذئاب والضباع
  • ما هذا الكلام، ما المبرر لهذا الانفعال ملاحظة بسيطة لصالحك تجر كل هذه السخرية الهجومية.
  • أنا لا أسخر من أحد، أنا أتكلم عن نفسي، ألا تريدني أن أتكلم عن نفسي ، هل تكلمت عن أسنانك أنا أتكلم عن أسناني الشوهاء التي ورثتها عن أهلي.
  • اسنانك لیست شوهاء
  • ما شاء الله هل أعتبر هذا مديحا ؟
  • هدئي أعصابك .
  • ليست أسناني هي الشوهاء فقط، هل نسيت أنني عمياء أيضا.
  • يا ربي، متى تكلمت عن عينيك ونظرك أنا أتكلم عن صحة أسنانك.

أنزلت زجاج نافذة السيارة ورمت علبة الكولا يعنف على رصيف الشارع، قعقعة خفيفة ثم انتهت، زاد الضباب الكثيف، اضطر أن يشعل إشارات التحذير هل يرجع؟ لا ثلث الطريق انتهى ربما خف الضباب في الثلث الثاني وانجلى في الثلث الأخير، أخرج علكة من جيب ثويه وبدأ يمضغها، كم تكره مضغ اللبان وخصوصا للرجال شيء كريه مقزز يذكرها ببقرة سوداء عجفاء قبيحة كانت لعمتها عندما كانت تجتر، وهي مربوطه قرب مطبخهم الخارجي، ذبحوها ليطبخوا لحمها في هريسة حفل زفاف ابن عمتها شاهدت الذبح وهي صبية، كان خوار البقرة عاليا يمزق الآذان والقلوب.. أرادت أمها أن تطعمها من هريسة العرس فهربت منها والخوار العالي يتردد في أذنيها مغطيا على أصوات الطبول والدفوف والصاجات وطلقات البنادق والمسدسات غلف الضباب سيارتهما الصغيرة لم تعد ترى شيئا خلفها أو أمامها أو على اليمين أو
الشمال نزلت سرعة السيارة تدريجيا 100-80-60-40. بقيت مع شبح البقرة السوداء العجفاء القبيحة التي تجتر، قال ببطأ:

  • ازداد الضباب سنتأخر
  • قليلا.
  • وحتى إذا تأخرنا كثيرا، ما الذي سيجري؟ ستصل الليلة إلى الشارقة، لن نبيت في الشارع. وضع شريط كاسيت لمغن شعبي يغني قصائد نبطية في مسجلة السيارة لعلو صوته الحاد مع إيقاع الطبلة المرتفع ولحن العود الرتيب قالت يضيق:
  • يا إلهي، لم يكن ينقصنا إلا هذا !!
  • تعرفين أنني لا أحب هذا المغني ولا نوعية غنائه ولكن ماذا أفعل؟ إنه الشريط الوحيد في السيارة، البارحة أخذت كل أشرطة السيارة إلى الشقة.
  • أرجوك، أوقفه، لا يمكنني تحمله.
  • أخرج الشريط وفتح اذاعة الأف أم المحلية كانت تذيع ألحانا كلاسيكية على الأرغن، ذكرتها بأفلام مصاصي الدماء التي كان يحضرها بكثرة من محلات الفيديو في بداية زواجهما، نظرت بتأفف إلى الضباب في الخارج وقالت:
  • غناء نبطي أو موسيقى أرغن كلاسيكية، ألا يوجد شيء آخر؟. غير الموجة الأم دبليو تحليل إخباري، غيره، برنامج تاريخي، غيره التجارة الخارجية غيره أردو، غیره نقاش رسالة جامعية غيره إنجليزي، ازداد شعورها بالاختناق مدت يدها وأغلقت الراديو، وهو يغير محطاته، قال بغضب :
  • لماذا؟
  • إذاعات تعبانة، ولا إذاعة تتخصص في الأغاني والموسيقى لتريح أعصاب الناس من هذه الثرثرة الفارغة والكلام الذي يصدع الرؤوس …
  • أنت مزاجية
  • هل هذا اكتشاف جديد؟
  • لا، أنا أصفك بشكل واقعي أسناني متآكلة ومشوهة وميناي لا أكاد أبصر منهما، ومزاجية أيضا.
  • دعي الأمور الأخرى جانبا . نعم أنت مزاجية، سواء اعترفت بذلك أم انكرته .
    سكنت، أطلقت عدة زفرات نظرت إلى الضباب التفتت إليه:
  • كيف عرفت انني مزاجية؟
  • هذا شيء واضح
  • لا، إنه غير واضح لي اشرحه، وضحه
  • لو فكرت قليلا في تصرفاتك لاكتشفت ذلك بكل سهولة، في أسبوع تتصلين بأمك كل يوم، وفي الأسبوع الذي يليه تتصلين بها مرة واحدة أو لا تتصلين.
  • هناك مشاغل البيت التي تتراكم أحيانا
  • لا انتظري ليس ذلك المثال الوحيد خلال شهرين تذهبين لحفلات زفاف كل خميس ويمر شهران آخران دون أن تذهبي لحفلة زفاف واحدة.
  • ظروف
  • أية ظروف ومشاهدتك لأقلام الفيديو بمعدل فيلم كل يوم، ثم
    الانقطاع عن ذلك أسابيع متتالية.
  • أفلام مملة.
  • لا تختلقي لنفسك الأعذار، أنت مزاجية مزاجية.
  • وأنت قاس.
  • ما هذا دفاع هجومي؟
  • لا، كلهم يقولون إنك قاس.
  • من هم ؟
  • أخواتك. علياء أخبرتني أنك أحرقت ساقها بمحماس .
  • تكذب
  • مازالت علامة الحادثة واضحة على ساقها اليمنى.
  • ربما اختلطت الأمور في ذهنها، هذه أمور حدثت منذ زمن طويل، لا
    أذكر تلك الحادثة.
  • طبعا لا تذكر ولكن الضحية لا تنسى ووالدتك التي كنت تصفعها على وجهها
    من الذي نقل لك هذه الأكاذيب؟
  • كلهن، علياء وفاطمة حتى والدتك المسكينة الساذجة كانت تبتسم بأسى عندما تسمع ذلك وتقول: لقد كان طفلا لا يعرف ماذا يفعل، لم
    تكن طفلا، كنت في الرابعة عشرة من عمرك
  • كذب كذب ، والله العظيم كذب نساء ثرثارات حمقاوات أنا أضرب أمي كذب، تنشل يدي إذا أرفعها على أمي .
  • أرجو أن لا تنشل يدك الآن ونحن وسط هذا الضباب اللعين لا تنفعل وركز نظرك القوي على الشارع الذي لا تكاد ترى منه شبرا واحدا. قسوتك البدنية كانت في الماضي، الآن قسوتك من نوع آخر.
  • ماذا تقصدين؟
  • تعرف ماذا أقصد
  • هل تريدين ان تكون هذه الرحلة خناقة مستمرة؟
  • ما هو الجواب الذي تتوقعه على سؤالك؟
  • سكت وبحلق في الضباب أحست بحرارة في صدرها، ارتفعت إلى عنقها، شعرت بما يشبه الحجر الحار في حلقها، التهب وجهها، بلل العرق جبهتها كانت ماسحة زجاج الواجهة تعمل بشكل رتيب، مرت سيارتان وتجاوزنا سيارتهما. قال بصوت صارخ :
  • عليهم اللعنة، أنا أسوق ببطء وأعصابي مستثارة وهم يتجاوزون في هذا الضباب، إنهم يسرعون إلى الموت. مجانين.
  • أنزلت مرة ثانية زجاج نافذة السيارة على يمينها، تريد أن تتنفس، أياد حديدية جبارة تضغط على صدرها وعنقها أين هو الموت؟ ليأت بعباءته السوداء، ستلوذ بأحضانه وتذهب معه مسرورة إلى الأبدية.
  • قالت معلقة على كلامه:
  • إنهم احرار
  • سيارة معترضة أو جمل شارد سوف ينهيان هذه الحرية.
  • الآجال بيد الله.
  • تنهد بصوت مسموع وضغط على أسنانه، صداع هائل يشل نصف رأسه الأيمن، تراقصت في دماغه كل شياطين وعفاريت الغيظ والحنق يداه نزتا عرقا كثيرا وهما تمسكان مقود السيارة الصغير بشدة، قال:
  • أنت تحبين السرعة.
  • القت عليه نظرة جانبية ولم تعلق واصل كلامه:
  • تكلمي قولي انت تحبين السرعة والسيارات السريعة، أليس كذلك؟
  • ماذا تعني؟
  • أنت تحبين السواقين المسرعين، أنا أعرف كل شيء. كل شيء.
    ماذا تعرف؟
  • إنك كنت تستلطفين سعيد ابن خالتك سواق الراليات
  • ماذا .. ماذا …
  • أختك أخبرتني أنك تمنيت لو تزوجك.
  • أنت سخيف.. سخيف…
  • أراهن أنك تتابعين أخباره في التلفزيون والجرائد والمجلات.
  • يا رب لم أعرف أنك بمثل هذه الحقارة والدناءة.. أنت سافل…منحط..

انفجرت باكية، ارتفع نحيبها أخرسه بكاؤها، زاد سرعة السيارة وكانه يريد أن يفر منها، صمت متوتر يقطعه نشيجها المنتظم والصوت الرتيب ماسح الزجاج اجتاحته انفعالات متباينة، أراد أن يقول شيئا لكنه واصل صمته، أراد أن يفعل شيئا لكنه توقف جاءه الإنقاذ في هيئة سيارة متعطلة الأسرة مواطنة، أوقف سيارته على الرصيف ونزل ليستفسر كلم السائق ثم فتح غطاء المحرك انتقل عدة مرات من المحرك إلى عجلة القيادة، نجح في مهمته وتحركت السيارة، أوقفها وسلمها للسائق ثم رجع إلى سيارته، كانت قد توقفت عن البكاء ومسحت بالمنديل الورقي الكحل الذي ساح من عينيها المحمرتين قال باضطراب:

  • هذا سائق أهبل يعرف كيف ينجب أولادا كثيرين ولا يعرف كيف يصلح عطلا بسيطا في سيارته، رخصة السواقة يجب ألا تعطى إلا لمن يعرف الإسعافات الأولية لمحركات السيارات.

لم يكن يتوقع أن تكلمه سحب عدة مناديل ورقية من العلبة ومسح يديه
مما تلوثت به أثناء إصلاحه للعطل البسيط.

ساد صمت كئيب تعلوه الهواجس والهموم بقية الطريق، أخيرا في الساعة الواحدة وصلا إلى دوار المركز التجاري، مر المشوار بدون حوادث طريق مرعبة، خرجت منهما زفرة كادت أن تكون مشتركة ولكنها لم تكن زفرة ارتياح وسعادة.

*من مجموعة “سحابة صيف”