سعاد العريمي

ثمة حادث على الطريق العام

قالت: أنا كندة.. كنت أقود السيارة في الطريق العام، وكان الرجل يحاذيني.. وقفت في منتصف الطريق.. هناك حيث الإشارة في منتصف الطريق.. حيث الخطوط البيضاء والتقاطع.. وقف الرجل على الرصيف المحاذي.. ضغط على الأزرار أضاءت الإشارة الخضراء وقفت العربات، ولم يقف الرجل.. سار عبر التقاطع والطريق العام.. أوقفت سيارتي على حافة الكتابة.. على الشارع الأسفلتي حيث كتبت بلغة أجنبية عبارة (STOP) وقفت أنا، ووقفت العربات خلفي وبجانبي.. أما الرجل فكان على الرصيف يحاذيني سيراً على الأقدام.. أوقفت سيارتي بجانب تلك اللوحة الصغيرة والتي كتب عليها (قف).. وعلى الإشارة الضوئية رسمت هيئة إنسان يعبر الطريق.. وكانت باللون الأخضر.. ضغط الرجل على الزرار وظهرت الصورة.. وقفت جميع السيارات وعبر هو.. تبعه رهط من المشاة عبر التقاطع والطريق العام.. وهناك عبارة كتبت على لوحة النيون في الاتجاه المعاكس: عبور المشاة.

كان المشاة قد اصطفوا على حافة الطريق.. وكانوا قد همّوا بالعبور عندما ضغط الرجل على الزر.

كنت أنتظر ومعي مجموعة كبيرة من السيارات كل السيارات كانت خلفي.. فقط واحدة كانت بجانبي والأخرى على حافة الطريق.. كنت أراقب حركة النيون على رأس الجسر، وعبارة كتبت بألوان فسفورية: لا تدعوا الفرصة تفوتكم!

اقتربت من الزجاج اللامع.. وعلى باب المحل كتبت عبارة (SGNIL) وكتبت تحتها بالفلاش العريض: مجاناً.. وصور بجانبها رسم تخطيطي جميل لفرشاه أسنان ملونة لها مقبض معكوف.. أشير إليه بالسهم: آخر ما توصل إليه خبراء الأسنان.

كان الرجل يحاذيني وأنا أمشي على الرصيف، وعندما دخلت إلى السوبر مارکت.. قلت له أنا كندة.. قال.. عفواً مجرد تشابهه.. سبحان الله يخلق من الشبه أربعين.. وقلت له: عفواً وابتسمت.. ثم أخذت الفرشاة بالمجان ودفعت ثمن المعجون.

كانت سيارتي على الرصيف، والرجل لا يزال يعبر التقاطع.. وعندما ضغطت على بوق السيارة.. اندفع المشاة ناحية الرصيف وكان الرجل ملقى على الأرض بجانب الخطوط البيضاء.. واندفع المارة.. هربوا.. كل السيارات اندفعت على عجل.. وقفت في منتصف الشارع كي أوقف السير.. والرجل ملقى على الأرض.

وعندما تحدثت إلى سيارة النجدة.. قلت لهم: ثمة حادث على الطريق تأخروا ولم يأتوا في الحين.. وعندما لم يأتوا نهض الرجل وقال لي: عفواً لقد أخرتك ربما يكون لديك عمل مهم.. قلت له عفواً خذ راحتك.. مشى الرجل ووقفت على الرصيف أنتظر سيارة الشرطة.. وعندما تأخروا.. سجلت اسمي ورقم سيارتي ومكان وساعة الحادث ووضعتها في صندوق الشكاوى.. وقلت لهم إن الرجل نهض ومضى سيراً على الأقدام، وقال بسيطة مجرد خدوش..

أما أنا فقد انتظرت ولم تأتوا …………..! قفلت المظروف ومضيت.

وعندما لم تأت الشرطة ولم تتصل قررت أن أسجل اسمي في سجل الحوادث.

قال الضابط: أنت كندة.. ذهبت إلى السوبر ماركت.. واشتريت معجون أسنان (SGNIL) وأخذت الفرشاة بالمجان.. وتحدثت إلى الرجل الذي ذهب سيراً على قدميه عبر التقاطع والشارع العام.. والذي نهض بعد أن أخفته بزعيق البوق، ووقع على الإسفلت، ثم نهض ومضى.

وأنت التي كتبت عبارة ثمة حادث على الطريق العام، وأتيت بالأصباغ والألوان.. وكتبت تلك العبارة على رأس الجسر، ورسمت صورة الرجل.. وهو يحدق في الإعلان.. لا تدعوا الفرصة تفوتكم.

وتجمع المارة يشاهدون الإعلان والرجل وقع عندما تدافع المارة على الطريق العام.. وتساقط بعض منهم ودهسوا بالسيارات.

كنت أنت قد خرجت من السوبر ماركت.. تحملين كيساً من البلاستيك كتبت عليه عبارة لا تدعوا الفرصة تفوتكم.

ثمة حادث على الطريق العام

سعاد العريمي من المجموعة القصصية (حقل غمران)