بين يدي مجموعة قصصية حملت عنوان: «القصة اليتيمة»، لمجموعة من المؤلفين، ما يميز هذه المجموعة القصصية عن سواها جانب هام يتعلق بالمؤلفين أنفسهم، فالنصوص القصصية المشاركة في هذه المجموعة هي القصة الوحيدة التي كتبها وأنجزها كل مؤلف، والأسماء التي ضمت هذه المجموعة هي لشعراء وتشكيليين ومسرحيين ونحوهم من الكتّاب في مجالات الإبداع، لكن في مجال القصة القصيرة، كانت القصة الوحيدة اليتيمة، هي تلك التي تم إنجازها وضمتها هذه المجموعة. من هنا يشدك الفضول للتعرف على مدى البراعة والجودة في كتابة القصة القصيرة لتلك الأسماء، ولعل تلك القصص تحمل إجابة عن سؤال بديهي لماذا لم نجد لديهم نصوصاً قصصية أخرى؟ أو لماذا لم يكن للجنس الأدبي القصة القصيرة مجال أو حظ مع الأجناس الأدبية الأخرى مثل الشعر الذي توجهوا له؟ الأستاذ عبد الفتاح صبري، الذي يعد واحداً من أهم الأسماء المؤسسة لنادي القصة في الإمارات، وعضو اتحادات لكتّاب محلية وعربية عدة، تصدرت كلمة له هذه المجموعة تحت عنوان: «لماذا جربوا القصة؟ لماذا توقفوا؟»، وقد قدم الأستاذ عبد الفتاح الإجابات اللازمة مع الدلالات النفسية والإبداعية، مما قاله: «المدهش أن تجمع في أثر واحد عدداً من القصص لا يجمع بينها من رابط سواء بالمعيار الفني أم التاريخي للمفردة، سوى أنها وحيدة صاحبها، في هذا الفرع من الأجناس السردية»، وقد حث الأستاذ عبد الفتاح، في ختام كلمته التمهيدية لإتمام دراسة نقدية لهذا اليّتم، فقال: «لعل يتّم هذه النصوص يعد بحد ذاته ظاهرة أدبية في الساحة الثقافية تستدعي النقاش والتأمل المثمر من خبراء النقد الأكاديمي والبحث السيسيولوجي، لنخرج بأبعاد ملهمة تستثمر الدلالة المواربة خلف فضاءات النص القصصي اليتيم».
يقف خلف هذا المنجز الإبداعي الفريد كل من الأستاذة لولوة المنصوري ومحسن سليمان، حيث أخذا على عاتقهما التصدي لهذه المهمة وجمع هذه النصوص من مصادرها أو من خلال السؤال والتقصي حتى اكتملت المجموعة، وقد أوضحا في كلمة تمهيدية تصدرت الكتاب، مما جاء فيها: «لعل في هذا الأثر ما يلفت انتباه المهتمين بتاريخ الساحة الأدبية الإماراتية، والملمين خاصة بتحولاتها السردية، إذ يعنى بالناتج القصصي في جنس القصة لرعيلها الأول، ممن برزت أسماؤهم في عوالم الشعر، والذين هم اليوم في مجملهم من الرموز الثقافية في المشهد الإماراتي، فلقد كانت بداياتهم في الكتابة مع القصة، حيث خاضوا غمارها واختبروا عوالمها في زمن كان لهم فيه السبق، لينصرفوا عنها جهة مشاريعهم الشعرية انصرافاً كلياً، قبل أن تأخذ تجاربهم القصصية ما يتوجب من مراكمة وما تستحقه من تكثيف وقبل أن تتوضح معالمها». ضمت هذه المجموعة 14 اسماً إبداعياً قدموا 19 نصاً قصصياً قصيراً. الأديب أحمد العسم، قدم نصين، الأول تحت عنوان: «هذا امتدادي هذا البحر»، والثاني تحت عنوان: «أحلام فاطمة»، أيضاً الأديب أحمد راشد ثاني، قدم نصين الأول تحت عنوان: «شنقوا العيد على أبواب المدينة الفاسدة»، والثاني حمل عنوان: «وجثمت على الصندوق أبكي». بينما قدم عادل خزام، أربعة نصوص قصصية كالتالي: «ثلاث نساء، ضخر بن طوق، المرأة التي…، يوم تأخر بريد الأمل».
الكتاب من القطع المتوسط، وضم نحو 200 صفحة. تبنت نشر وتوزيع هذا المنجز القصصي: «دار العنوان للنشر والتوزيع»، وساهم شريف طارق، في التدقيق اللغوي، بينما تولى سعيد النوبان، تصميم الغلاف، وقامت سارة نديم نحيت، بالإخراج الفني للكتاب.