أجلس خلفها تماماً.. هي لا تراني.. مشغولة باللعب بمجموعة الدمى.. أرى وجهها البريء يتلون.. تبتسم.. تظهر أسنانها الصغيرة.. متى نبتت لها هذه الأنياب؟ .. وقفت والتفتت إلى الخلف.. ابتسمت أكثر.. تظهر غمازتها بشكل واضح.. وعينان عسليتان ورثتهما عني.. تلك جيناتي.. التي شكلت هذا الملاك..
علها لا تراني.. وجهها متصلب أمام صورة معلقة خلفي.. التقطها سائح ضل طريقه في باريس.. قبل عامين في رحلتي مع والدها..
ربما تتجاهلني.. علني لم أقبلها ليلة البارحة قبل أن تنام.. لا أتذكر! .. كنت متعبة أمس.. أتذكر حملني أحمد إلى غرفتنا بعد أن كدت أفقد وعيي على شرفتنا في الظهيرة.. ها هو خياله يعبر الحديقة.. حبيبي أحمد.. لماذا يبدو وجهك متجهماً هكذا؟ .. أتؤذيك شمس الظهيرة في عينيك؟ .. منذ ليلتين.. انفجرت في وجهي ساخراً
– أنتِ مجنونةٌ.. بدأت تكبرين يا عزيزتي
عندما قلت لك إنني لمحت قطتي التي دفنتها في باحة منزلنا قبل سنة تسير قريباً من السور.. ورأيت جارنا يطوف شوارع المدينة مرتدياً معطفه البني الذي دُفن به!
لا يزال التجهم ملازماً وجهك.. وريم تجري نحوك.. تاركة إياي والدمى ترقص حولي.. تعلو وجهك ابتسامة متعبة.. أخرجت من المنزل دون تفاحتك الصباحيه؟ .. أم بذلتك السوداء الحزينة.. هي التي تجعلني أشعر بذلك!!
أرى كل شي في انعكاس المرآة.. طاولة يتوسطها مشطي الذهبي.. كوب قهوة منسي.. أريكتنا المفضلة.. وشاحي الأحمر.. دمى ريم المتساقطة.. أرى كل شيء في انعكاس المرآة.. ولا أراني!