كان الشيء الوحيد الذي يؤرقه في حياته هو اسمه الصفري المحبط الذي يثير ضحك جميع من حوله، حاول (مستر زيرو) أن يتمرّد على هذا الاسم، بدأ يفتّش في أوراقه القديمة لعله يعثر على شيء ينقذه من الواقع المفلس، رصيده البنكي صفر، رصيد إجازاته السنوية صفر، رصيده من الأصدقاء صفر، ثلاجته صفر، المطبخ خاوٍ كذلك، كل شيء من حوله يعاني من الصفر الكئيب، يا لها من نقطةٍ لعينة هذا الصفر المقيت!
ذهب إلى الحلاق صباحاً ليهذّب ذقنه ويقص شعره؛ فضحك الحلّاق قائلاً: ليس في رأسك شعرةٌ واحدة، كما أن وجهك ليس به شعرة واحدة! حتى الحواجب، حتى الأهداب…
زمجر (مستر زيرو) غاضباً وقال: تباً لك، واصل عملك دون نقاش..
لكن الحلاّق العنيد قاطعه قائلاً: لا يا (مستر زيرو) لا مكان لك هنا، أنت شخص مفلسٌ تماماً وتريد كل شيءٍ بالمجان، لذلك استنزفت رصيدك مع الناس، لا أحد يصدّقك، لا أحد يثق بك، اخرج لو تكرّمت!
خرج (مستر زيرو) متمتماً في سخط عارم: تباً لك يا هذا، لقد أصبت الحقيقة!
واصل كيل اللعنات على كل شيء يصادفه، وقطع عهداً على نفسه أن يحارب الرقم صفر، وأن يثبت للجميع بأنه عكس اسمه تماماً، وأنه إنسانٌ ناجح ومقدام لا يستسلم ولا يهاب شيئاً ولا يعرف الفشل أو الخطأ مطلقاً، وسيجعلهم يندمون على سخريتهم اللاذعة، وسيثبت لهم أنه أفضل منهم وأنجح منهم، وأنه سيصل إلى أعلى المراتب بجدّه واجتهاده، وأن جميع العقبات والعراقيل التي تعرّض لها في حياته كانت بسبب أطرافٍ أخرى مارست معه التنكيل والإذلال، وأن غروره سيدفعه لتحقيق مكاسب جمّة، فقط لو منح فرصةً واحدة، فرصة كفيلة بأن تصلح حاله المتردّي وتجعله نجماً لامعاً، وتكون سيرته الطيبة على كل لسان.
أثناء طريق عودته، وجد مهرجاناً شعبياً تقام فيه الألعاب المسليّة، فقرّر أن يجرب حظّه، لعله يكسب شيئاً يعوّض به حالته الصفرية المزرية.
ذهب إلى السيدة التي تدير لعبة (دولاب الحظ) وقرّر أن يلعب، قالت له بحماس: اختر رقمك المفضل، وستفوز حتماً بجائزة معينة.
كانت الأرقام المتسلسلة من واحد إلى سبعة، غير أنه قال:
سأختار الرقم صفر!!