محمد المر

الواجب – محمد المر

عندما انتبه خميس في صباح ضبابي حار طلب كأسا من الماء، أحضره الخادم الهندي، شرب الماء ثم تقيأ، قال للخادم:
– أحضر لي كوبا من الشاي.
ذهب الخادم لإعداد الشاي، وبعد أن انتهى من ذلك أحضر له الكوب. كان خميس جالساً على فراشه قرب النافذة بالوضعية نفسها التي تركه فيها، الفرق الوحيد أن عينيه كانتا مغمضتين والسكون شمل كل شيء في تلك الغرفة الصغيرة المطلية حديثا، السرير الخشبي الهندي الكبير الذي تنام عليه مجموعة من المباخر وكدو فخاري مكسور و صندوق حديدي صغير فيه زعفران وهال فقدا رائحتهما الزكية منذ زمن طويل، جهاز التكييف الذي لا يعمل، صورة خميس المعلقة فوق النافذة بملامح أيام الشباب، عينان سوداوان وخدود لامعة وشفتان مكتنزتان أكثر المصور صبغهما باللون الأحمر فحولهما إلى كرزتين لامعتين، طاولة فورمايكا صغيرة، فوقها رصت علب وزجاجات الأدوية وراديو صغير على شكل ميكي ماوس فأر ديزني الشهير، وقد انكسرت أذنه اليمنى. وضع الخادم كوب الشاي بالقرب من ميكي ماوس، وأسرع إلى حجرة ابن خميس، أيقظه، جاء الابن، وعندمـا حـرك والده عرف أنه لم يـعـد معهم. اضطرب، كان يتوقع ذلك ولكنه لا يعرف التصرف في تلك المواقف ولا يوجد غيره في البيت، ذهب إلى جارهم حسن وأحضره معه، عندما شاهد الميت سأله:
– هل أغمضت له عينيه؟
– كانت مغمضتين
– لابد أنه مات وهو نائم، ماذا فعلت بعد ذلك؟
– لا شيء.
– هل بلغت الشرطة؟
– لا.
– ماذا تنتظر؟
– لا أعرف، لا أدري، أنت اتصل بهم
– أين التلفون؟
– في حجرتي، ولكن لا حرارة فيه.
– طيب، سأتصل بهم من تلفون الشارع، دقائق وأعود
– جلس الابن تحت شجرة اللوز الكبيرة في فناء المنزل، وبعد دقائق جاء حسن وقال:
– إنهم قادمون.
ساد صمت قطعه سقوط لوزة ناضجة من أحد أفرع الشجرة، وتدحرجت على الأرض إلى أن صدمت قدم حسن، أمسك بها، كانت صفراء كبيرة،
أراد أن يقارن سقوطها بموت الإنسان، ولكنه لم يفعل، وتساءل:
– كيف كانت حالته ليلة أمس؟
– كان يهذي ويخربط اعطوني كبريتا لأحرق نفسي وأحرق البيت. لا فائدة من الأدوية، خلاص أنا انتهيت الأطباء سفلة، الطيور سوف تأخذني معها، الأمطار سوف تفرق البيت سأسافر في الباخرة دامرا إلى بومباي، كلنا ستموت وأمك المجرمة ستعيش عمر نوح، الطائرة هبطت في الخور وكلنا شاهدناها، اصابعي قطعها ثعبان البحر، أين ذهب الجراد؟
– سيكون البيت لك وحدك الآن.
– نعم، في زمانه قصر باكنغهام!
– بإمكانك فصل حجرتك وتأجير باقي البيت، ثلاث حجر ستجلب لك إيجارا قدره ألفي درهم شهريا، نعمة وحساب توفيره في البنك كم فيه؟
– لا أدري ثمانون أو تسعون ألفا.
– نعمة، ومستحقاته من الدائرة التي كان يعمل بها؟
– لا أدري، يقولون إنها ربما قاربت السبعين ألفا .
– نعمة، وبيتكم القديم في فريج عيال ناصر، كم إيجاره الشهري؟
– أربعة آلاف درهم.
– نعمة، وا …
قطع تعداد التركة صراخ أت من الباب:
– أهل البيت أهل البيت أين الكدو؟
قال ابن خميس باستياء
– يا رب لم يكن ينقصنا إلا هذا.
قال حسن وهو يبتسم
– جسوم ابن عمك كالعادة.
– نعم وأظنه سكران.
– كيف عرفت؟
– عندما يكون صاحياً يدخل بهدوء ويعد له الهندي الكدو، يدخنه ويخرج، إنه لا يصرخ إلا إذا كان سكران.
– على الريق!
– لابد أنه أمضى ليلة أمس كلها وهو يشرب، ولم يتم حتى الصباح، ويريد أن يدخن الكدو ويذهب لينام بعد ذلك.
دخل جسوم إلى فناء المنزل، لاحظهما فقال:
– ما شاء الله، عصفوران تحت اللوزة ما هذا الحر؟ ما هذه الرطوية؟…
لا أدري لماذا أعيش في هذا البلد المفروض أن أعيش في أمريكا، في سويسرا، في بريطانيا .. على الأقل في الهند.. هنالك حر مثلنا ولكن المطر يخفف منه قليلا.. ابن عمي.. لماذا لم تحاسب البقال… أنت تعرف أنني مفلس … وكم حسابي؟… ثلاثمئة درهم.. أربعمئة درهم…. لاشي.. الأموال لا تصنع الرجال… الرجال هم الذين يصنعون الأموال، وأنت حسون. ابن القابلة.. هل تعرف أن أمك مجرمة.. قطعت حبلي السري بطريقة خاطئة فأصبحت سرتي مثل بالونة صغيرة.. سوف أخذ أمك لمركز الشرطة.. لاشك أنها كسبت الكثير من الأموال…
قاطعة حسن بجفاء
– اسكت اسكت كف عن هذه الثرثرة الفارغة..
قال جسوم ساخرا:
– أهلا أنا أثرثر، اسمعوا من يتكلم ما شاء الله، أنت الذي تنشر الدر من فمك عندما تنطق ياخروف. أنت لم تكمل الابتدائية، أنت طبل فارغ
– أنت…
قال ابن خميس بنقاد صبر:
– يا جسوم اذكر الله اذكر الله
التفت جسوم إليه وقال:
– أهلا مولانا، أين هبط عليك التدين في بانكوك التي أتيت منهـــــــــا بالأمس، أخبرني، قل لي، نورني…
– يا جسوم والدي ميت في حجرته.
كانت لطمة لفظية أوقفت نشاط لسانه للحظات ونقلت ذلك النشاط إلى ما تبقى من الإدراك في دماغه بعد وقفة قصيرة هرع إلى حجرة عمه وهو يصيح:
– عمي، عمي قتلك الأطباء لم يسمع ابنك كلامي، قلت له أن يأخذك إلى بومباي هنالك خيرة الأطباء قتلوك بالأدوية الفاسدة..
هرع وراءه ابن خميس وحسن، في الحجرة كان جسوم يبكي، ويقبل يد الميت ورأسه وهو ينتحب:
– سامحني يا عمي. لم نقم بالواجب تجاهك، نحن مقصرون.. سامحني يا عمي.. كان من المفروض أن أخذك أنا إلى بومباي.. كلنا مخطئون وابنك مخطئ.. نحن عاقون.. الله سوف يعاقبنا .. لم نقم بالواجب معك…

-2-
دخل وكيل الشرطة البيت، أخذ أقوال الابن والخادم الهندي، وبعد أن أتم تسجيلها في أوراقه طلب من ابن خميس أن يوقع على تلك الأوراق. جسوم الذي كان ساكنا طيلة فترة وجود الوكيل اعترض بحماسة وقال:
– لا توقع، لا توقع. لابد أن نقرأ تلك الأوراق كلها حرفاً حرفاً، كلمة كلمة سطراً سطراً اقرأها مرة وثانية وثالثة ورابعة، ما أدراك ما الذي كتب فيها، ربما اتهموك أنك قاتله..
التفت إليه الوكيل مستغرباً كلامه، ولكنه واصل:
– اسمح لي يا سيدي.. ولكن أنتم تؤدون واجبكم وأنا أؤدي واجبي… الميت عمي وهذا ابن عمي.. وهو إنسان بسيط لا يعرف شيئا من أمور الدنيا المعقدة.. لابد أن يقرأ تلك الأوراق قبل أن يوقعها.. إذا وقعها التزم بما فيها.. ما الذي يدرينا ماذا كتبتم فيها؟ .. أنا أعرف.. أنا أعرف.. واجبكم أن تشكوا في كل شيء.. واجبكم أن ترتابوا في كل إنسان.. أنتم تتعاملون مع مجرمين، مع لصوص، مع قتلة.. الحيطة مطلوبة.. وأنا واجبي أن أنبه ابن عمي … إنه ابن عمي الوحيد، هل تعرف ذلك.. لا يوجد لي ابن عم سواء… ولا حتى ابن خال… نحن أسرة صغيرة.. صغيرة جداً … لابد أن يقرأ كل الأوراق، حرفاً حرفاً، كلمة كلمة سطراً سطراً… أنا سوف أساعده.. صحيح أنني لم أكمل الثانوية العامة، ولكني أقرأ الكثير من المجلات والجرائد.. أرجوك يا سيدي… واجبك واضح وواجبي واضح أيضاً .. أنا إنسان ملتزم….
سحب ابن خميس الوكيل إلى خارج الحجرة، وهو يقول له:
– لا تهتم بكلامه، إنه معتوه.. مخبول…
الوكيل كان قد شم رائحة الكحول القوية المنبعثة من فم جسوم فقال متضايقا :
– سكران، وفي الصباح الباكر، وفي حجرة ميت، أعوذ بالله، أعوذ بالله..

وقع ابن خميس على الأوراق تحت شجرة اللوز، وجاء عمال سيارة الإسعاف لأخذ الميت محاولة جسوم لمساعدتهم أعاقتهم، واصل ثرثرته الغاضبة.
– إنه عمي انتهبوا .. لا تتسرعوا .. لا تحملوه مثلما تحملون كيس أرز أو كيس بطاطا .. الموتى لهم احترام… أنتم لا تعرفون الواجب… تحملون الموتى والمرضى كل يوم.. قلوبكم ميتة.. عقولكم باردة.. انتبهوا… مسكين يا عمي.. أين أهلك ليحملوك.. ولكن، أنا هنا .. أنا سأحملك… أبنك بليد.. أبله.. لا يهتم بوالده… أنا سأقوم بالواجب.. لن أدع الناس يقولون بأن عائلتنا خلت من الرجال.
قال حسن:
– أتركهم يحملونه، أنت تعيقهم بحركاتك المختلة وثرثرتك الفارغة.
التفت إليه جسوم يغضب وقال:
– ماذا يهمك أنت أيها السافل.. إنه ليس عمك.. لابد أنك تقول في نفسك… كلب وقص حبله .. إلى جهنم.. أليس كذلك؟.. لوكان عمك لاختلف الأمر.. أنت مرتاح لموته.. كان يفضح أمك أمام الناس. يتكلم عن أنواع العطور والبخور المغشوشة التي تخدع بها البشر.
انتهز العمال فرصة انشغاله بشتم حسن وأوصلوا الميت بسرعة إلى سيارة الإسعاف الواقفة بالخارج قرب الباب، عندما انتبه أسرع وراءهم، كانوا قد أقفلوا باب السيارة،
قال جسوم بهلع:
– إلى أين يأخذونه؟
قال الوكيل بنبرة متأففة إلى المستشفى.
– لماذا؟
– إلى أين تريدهم أن يأخذوه؟
– إلى المقبرة.
– بعد المستشفى سيأخذونه إلى المقبرة، لابد من الإجراءات الكشف الطبي أولا.
– كشف على ميت ذلك.
– نعم، لابد من الكشف عن سبب الوفاة لإصدار شهادة الوفاة بعد ذلك.
التفت الوكيل إلى ابن خميس وسأله:
– هل ستأتي معنا؟
– لا، سألحقكم في سيارة حسن.
ركب الوكيل سيارة الشرطة، قال جسوم لابن عمه بذهول:
– هل جننت تذهب معهم إلى المستشفى…
– لم لا؟
– ألم تسمع حديث الوكيل الكشف عن أسباب الوفاة.. سيتهمونك بانك قتلته.. رجال الشرطة لهم أساليب أنت لا تعرفها.
– ما هذا الكلام با جسوم.
– أنت أبله ساذج لا تعرفهم.. سيجعلونك تعترف…
– أعترف بماذا؟
– تعترف بأمور لم ترتكبها .. لهم طرقهم.. لا تطمئن الأحد .. سأذهب معك.. أنا سأتكلم… أنت التزم الصمت… لا تتكلم.. سأدافع عنك.. سأقوم بالواجب.. نحن أهل…
كان حسن قد أحضر سيارته، ركب ابن خميس وهو يقول لجسوم:
– اذهب لبيت خالي أحمد وأخبر والدتي بأمر الوفاة.
قال جسوم محتجا وهو يتجه لباب السيارة الخلفي:
– لا، لا، أنا سأذهب معك.. سأدافع عنك.. أنت لا تعرف.. أنت طيب.
أشار ابن خميس لحسن أن يتحرك، قبل أن يضع جسوم يده على الباب كانت السيارة قد انطلقت وعجلاتها تصرخ من دورانها السريع على الإسفلت، صرخ جسوم وهو يركض وراء السيارة:
– قفوا يا مجانين، قفوا يا كلاب… سأذهب معكم… سأحميكم.. أنتم جهلة…حمير..
زفر حسن بارتياح وقال:
– الحمد لله. تخلصنا منه…
– لا أعتقد أنه سيخبر والدتي بالموضوع.. أكبر الظن أنه سيدخن الكدو ويذهب لينام.
– لا تهتم سوف نتصل بها من المستشفى، وسوف تخبر أخاها والباقين لكي يسبقونا إلى المقبرة.
-3-
عند الوصول إلى المقبرة بعد ثلاث ساعات وجدا الجميع ينتظرونهما. وفي مقدمتهم جسوم بعينيه المحمرتين المنتفختين الزائفتين، قال حسن – أنظر أنظر ابن عمك في المقدمة، لماذا أتوا به معهم؟
– ما الذي يدريهم أنه سكران إدمانه المديد جعل الناس لا يفرقون بين حالة سكره وحالة صحوه، لا تهتم به سوف ينتهي الموضوع بسرعة.
أدخلوا الميت إلى حجرة الغسل، دخل جسوم معهم، حاولوا منعه ولكنه أصر. كان الغاسل مستعدا وضعوه على المصطبة، بعد توضئته، بدأ الغسل، قال الغاسل
– تدفق الماء بطي افتحوا الصنبور إلى نهايته.
صاح جسوم وكانه صبي في مقهى:
– الماء الماء يا ناس الماء يا ناس
اندفعت المياه بقوة من الأنبوب حتى بللت الغاسل وجسوم ومن معهما.
قال الغاسل:
– على مهلكم على مهلكم.
صاح جسوم:
– خففوا الماء، قليلا من الماء، قليلا من الماء
قال الغاسل:
– اعطوني الصابون.
التفت جسوم حوله، وعندما شاهد الصابون في زاوية الحجرة هب لإحضاره فانزلق على أرضية الحجرة اللزجة التي غمرتها المياه، ووقع على وجهه، وضربه طرف المصطبة الإسمنتي على جبهته ففتح له جرحا سطحيا طويلا بدأ ينزف أنهضه أحدهم وقال له:
– لقد جرحت
– مسح جسوم بغترته الدم من على جبهته، وقال:
– لا يهم هذا شيء بسيط … ثمن الواجب… لا شيء قطرة دم صغيرة… لا شيء الناس جرحوا في معارك. هذا أمر بسيط الواجب فوق كل شي… لا يهم.. ناولني الصابون.. ناولني الصابون…
بعد أن غسلوا الميت خمس مرات وانتهوا من أمره، قال الغاسل:
– اعطوني لفائف الكفن
صاح جسوم
– الكفن اللفائف ، الكفن بسرعة.
قال الغاسل:
– ناولني عطر المسك.
قال جسوم متسائلا وقد عادت إليه عدوانيته:
– عطر .. عطر… لماذا، إنه نظيف.. أنظف من الكثيرين الذين في الخارج.. طوال عمره كان إنسانا نظيفاً .. لا يستحم إلا بصابون ياردلي الفاخر.. لماذا العطر؟.. لماذا العطر؟
ابتسم الغاسل بغيظ وقال:
– سُنة يا ابني. سُنة.. الميت يطيب ويبخر.. الرسول أوصى بذلك…
تراجع جسوم وقال:
– إذا كان سُنة على رأسي.. كلام الرسول على رأسي.. طيب لماذا لم تحضروا له عطورا فرنسية فاخرة.. تظنون أنه فقير.. لوكان غنيا لأحضرتم له عطورا من أمريكا وألمانيا…
– يا ابني لا يجوز تطييب الميت بعطور فرنسية.
– لماذا ؟ .. لماذا؟..
– لأن فيها كحولا والكحول حرام.. حرام…
زاد تراجع جسوم حتى كاد يصل باب الحجرة، وقال بصوت منخفض:
– الكحول حرام.. صحيح… الكحول حرام… حرام…
عندما اصطفوا لصلاة الجنازة، أراد حسن أن يمنع “جسوم من الصلاة معهم، ولكن ابن خميس قال له:.
– اتركه، إذا منعته سيحدث صخبا وضجيجا لا داعي لهما، سيقف في نهاية الصف.
– ولكنه غير طاهر
– والباقون هل كلهم طاهرون؟ دعه ذنبه على جنبه، جهنم تأكله، لا نريد ضجة
بعد التكبيرة الرابعة والدعاء سجد جسوم، سلم الإمام وحملوا الميت إلى قبره، وتركوا “جسوم” ساجدا، عندما أنهى صلاته الغربية وسلّم، لم يجد أحدا حوله فقام فزعا وركض في إثرهم وهو يصيح غاضبا:
– سفلة.. مجرمون… مستعجلون في كل شي… تريدون أن تنتهوا منه بسرعة.. حتى الصلاة لا تؤدونها كاملة.. لو كان كلبا لأبديتم له احتراما أكثر.. سفلة.. حقراء.
لحقهم عند القبر، دخل مع ابن خميس إلى الداخل، اللحد كان يحتاج إلى توسعة، حفر جسوم بنشاط والتراب ينهال على وجهه، بعد أن أنهوا وضع الميت في الداخل وراكموا عليه أحجار الدفن بنظام، كان جسوم يصيح:
مزيدا من الأحجار… مزيدا من الأحجار…
خرج الابن وقال لجسوم:
– اخرج با جسوم، انتهينا من الداخل.
حاول جسوم الخروج ولكن توازنه اختل فسقط فوق حجارة القبر المصفوفة فوق الميت وأزال نظامها، تبع ذلك هرج ومرج، أخرجته عدة أياد من الداخل وهو يصيح:
– دعوني… سأخرج بمفردي… أنا لست ضعيفا… أنا لست رقيعا مثلكم… أنا لست رقيعاً مثلكم… أنتم جبناء .. أنتم سفلة.
بدأوا بردم القبر، أخذ جسوم بردم معهم، وقد تحول وجهه بجبهته المجروحة والتراب والطين المتراكمين عليه إلى ما يشبه خبز الوقافي وأخذ يردد بغضب:
– أنا أقوم بالواجب الواجب فوق كل شي… أنتم منافقون .. سفلة.. إنه عمي.. الواجب قبل كل شي….
قال أحد الجيران لحسن:
– جسوم سكران أليس كذلك؟
– نعم
– أعوذ بالله، يشرب في الصباح.
– لا هذه سكرة الليل
– سكرة الليل لابد أنها سكرة بنت كلب سكرة طويلة جدا