حتى عندما أشرقت شمس ذلك اليوم ، ظلت الظلمة مخيمة على ، المدينة ، والأنوار استمرت في سباتها الليلي ، وعندما ارتفعت الشمس قيد رمح ، شرعت الأبواب فجأة عن نساء متشحات بالسواد لا يرى منهن سوى أعين متورمة من السهر والبكاء . خرجن كطوفان اكتسح كل الشوارع ، كل واحدة منهن تتجه نحو هدف ما .
في الظهيرة اتضح المشهد : نساء يعملن في الشركات والمدارس والدوائر الحكومية ومراكز التسوق حتى في محلات البقالة وفي محطات الوقود . والشوارع تغص بكافة أنواع المركبات تقودها نساء ، وعند أبواب المدارس نساء يشيعن أطفالهن إلى يومهم الدراسي .. حتى على أبواب المخابز والمراكز الصحية والعيادات نساء يختلطن بصياح أطفال أو تأوهات عجائز ومسنين ولم يكن ثمة أثر لرجل !
وعندما حلّ المساء ، وازداد الظلام حلكة وتعباً ، عاد طوفان النساء منهكاً ، بتأففات من صعوبة الحياة ، وارتفاع الأسعار ، وتراكم المسؤوليات : عمل .. بيت .. أبناء .. وزوج .
ومع انتصاف الليل ، تساقطت النساء كأوراق خريف باهتة على الأسرة ، ومع وخرج بعدها حشد كبير من الذكور يتوافدون على المقاهي الليلة وينفثون الدخان ممتزجا بتبرمهم بنسائهم اللواتي لا يحسن التبعل لهم آخر الليل .
من مجموعتها(دهشوة)
سقوط – فاطمة محمد الكعبي