ماجد بو شليبي

عطشى – ماجد بو شليبي

ربما لكنني لم أكرهك إلى الحد الذي أضع فيه حداً لحياتك، فما زلت آمل أن يصلح الله فيك هذا الضياع، لكنني أتمنى أن يقتلك غيري، يضعني أمام موتك.

أخ لو تخرج من مكتبك في عزّ الظهيرة تركب سيارتك تجدها لا تسير.. قلت.. في عزّ الظهيرة الشمس تنتصف السماء لا تجد من يقلك إلى البيت، يمر عليك بائع الكاز بعربته التي يجرها حماره الشرس، يقرر أن يضحي بوقته من أجلك، يحملك ويسير بك، ربما لن تثيرك رائحة حماره فهي ليست نتنة عندك، أعرفك ألست زوجتك.

وعندما يصل بك إلى البيت تقف بجانب حماره وتقرر أن تعطيه شيئاً لقاء معروفه، فيقرر حماره أن يفعل شيئاً من أجلي يرفسك.. نعم يرفسك على شيء تعتقد أنه مصدر رجولتك، عندها تفقد كل ما يبرر كلامك.

– أنا ما زلت رجلاً.

– بل تابع.

– وما في ذلك أبو سعيد صديق.

– يحركك كيف شاء.

– أنا أملك نفسي.

– لا يهم.. فيض سنين ثلاث لا يفيد معه الجدل.

عندما جئت تخطبني لا أدري ما الذي أقنعني بك، قالوا لي إن الذي يأتي دون اختيار أفضل.

– أنت رائعة يا هيفاء تفعلين كل شيء من أجلي حتى قبل أن أطلبه.. أنت المرأة التي أبحث عنها.

أنت لم تبحث عني.. أبو سعيد هو الذي قال لك إن في هذا البيت فتاة جميلة لو تخطبها لنفسك.. آه لو تعلم كم مرة حاول شرائي.. شراء أبي من أجلي، وعندما يئس دفع بك ليصل عن طريقك.

وانتظرت يوم زواجنا.. لأن أي فتاة خطبت تنظر إلى رجل خطبها، قلت لي مرة إن أبا سعيد يقول لو نتزوج الأسبوع القادم وتزوجنا في ذلك الأسبوع (القادم).

قدمت لي ساعة قلت لي إنها جميلة في نظر أبي سعيد..

لا تخجل تقول ذلك.. دقات ساعتك شيء مقيت، لا يزال يطن في أذني.. يفكرني بك.. كل شيء هنا صامت إلا هي تطن تطن..

سيقرع الباب الآن.. سيأتي أبو سعيد معك هذه المرة لأول مرة أراه هذا الأبا سعيد.

سأرحب به.. وسأكون قد أعددت طعاماً شهياً.

أخ لقد نسيت هذا الطعام.. أنستنيه هذه المرآة، أعترف أول مرة أجلس أمامها هذا الزمن كله، لا بد أن هناك سراً.

أين سيجلس.. هنا.. لا هنا.. سأقول له اجلس هنا حتى أراه جيداً وأنا أعمل في المطبخ.

سأقدم له القهوة وأنظر في عينيه.. سأكتشف سر الخضوع في زوجي.. وخطة جيدة عندما يأمر هذا الرجل زوجي بأن يتركني سأنجح.

– أريد إنساناً لا تابعاً.

– وما دخلي أنا؟

– قل له يتركني أمضي في سبيلي بعيداً عنه.

– اتركها..

ويتركني

طرقات على الباب.. صداها يكسر حاجز الصمت، تعود إلى الحياة مرآة مشروخة تنظر إليها فترى وجهين لامرأة واحدة تذهب إلى الباب تفتحه.

– من؟

– أبو سعيد.

– من؟

– أبو سعيد؟

– عفواً تفضل أين زوجي؟

– قال اسبقني سأتبعك.

«تفضل اجلس هنا، ماذا تشرب؟» جميل سأقول له ذلك وإن طلب شيئاً جئته بغيره..

– ماذا تشرب؟

– ماء فقط ماء.

سأحضر له قهوة.. سأقول له هذه أفضل.. وسيشربها مُرّة مثلما هي حياتي.

– أتعلمين زوجك صديقي منذ زمن

– هو زوجي منذ زمن، لكن ما هو ذنبي؟

– ماذا؟

– ذنبي.

– اجلسي نتحدث سيأتي.

لا يأتي أبداً في وقته هذا الرجل وأنا امرأة عطشى سآتيه بالماء.

– إلى أين؟

– آتيك بالماء.

1986م