لا شك أن القصة ( الطويلة منها ( الرواية ) والقصة القصيرة ) تحتل اليوم مكانة مرموقة في الآداب العالمية تتفوق على مكانة الشعر فهي اليوم أكثر مقروئية وانتشارًا منه ، فالقصة ( الرواية بشكل خاص ) تتميز عن غيرها من الأشكال الفنية باتساعها وشموليتها مما يعطي المجال لمعالجة المتغيرات وأثرها على المجتمع معالجة عميقة متأنية بعيدة عن الانفعال والعواطف الآنية كما هو في الشعر ، بل يرى الناقد ر.م.البيريس أن القصة ستقوم مقام جميع الفنون فهي تقوم ( بدور الكاهن المعرف ,والمشرف السياسي وخادمة الأطفال ، ومعلم الفلسفة السرية ، وهي تقوم بهذه الأدوار كلها في فن عالمي يهدف إلى أن يحل محل الفنون الأدبية جميعا ، ويمكن أن يكون في أيامنا شكلا معممًا للثقافة ) (1) .
وإذا كانت الرواية في الآداب الغربية فن القرن الثامن عشر ، فقد تأخر ظهور القصة القصيرة حتى منتصف القرن التاسع عشر في روسيا على يد جوجول ، وتوطدت على يد جيكوف ، والأمريكي ادجار الن بو والفرنسي جي دي موبسان .
والقصة القصيرة كآخر الأجناس الأدبية ظهورًا هي أقرب الفنون الأدبية لروح العصر لأنها انتقلت بمهمة القصة الطويلة ( الرواية ) من التعميم إلى التخصيص ، فلم تعد تتناول حياةً بأكملها ، أو شخصية كاملة بكل ما يحيط بها من حوادث وظروف وملابسات ، وإنما اكتفت بتصوير جانب واحد من جوانب حياة الفرد ، أو زاوية واحدة من زوايا الشخصية الإنسانية ، أو موقف واحد من المواقف ، أو تصوير خلجة أو نزعة من خلجات النفس الإنسانية ونوازعها ، تصويرا مكثفا خاطفا يساير روح العصر الذي أصبحت فيه الحياة من التعقيد والتشعب والتشابك ما يستدعي التخصص في دراسة الجزء دون الكل والجزئيات الصغيرة للحياة أو النفس دون التكوين الكلي لهذه الجزئيات ولعل القصة القصيرة أقرب إلى التوغل في أبعاد النفس والدخول في أعمق أعماقها الباطنية (2) .
أما في الأدب العربي فتحتل القصة اليوم مكانة مهمة ضمن الأشكال الأدبية الأخرى ، وأصبحت تضاهي مكانة الشعر إن لم نقل أنها تتفوق عليه ، فقد كثر كتّابها ومبدعوها ، وكثرت اتجاهاتها وكثر قراؤها واتسع انتشارها .
ويذهب كثير من الباحثين أن القصة في الأدب العربي الحديث نشأت متأثرة بالقصة الغربية منذ بداية القرن العشرين حين نشر محمد حسين هيكل رواية ( زينب ) سنة 1912 ، وأصدر محمد تيمور مجموعته القصصية الوحيدة ( فيما تراه العيون ) سنة 1914 ، متأثرين بالقصاصين الفرنسيين .
يقول يحيى حقي : ( وحملت الرياح التي تهب من أوروبا بذرة غريبة على المجتمع العربي ، بذرة القصة ) ويرى أن القصة في التراث العربي ( فتات فني تنقصه الوحدة ) (3) .
غير أن التراث بما يحمله من أخبار ونوادر وسير وحكايات وقصص قصيرة وطويلة ، المترجم منها مثل كليلة ودمنه أو الأصيل مثل المقامات ، وبخلاء الجاحظ ، الشعبي منها كالسيرة الهلالية وألف ليلة وليلة ، والرسمي كالنوادر والحكايات يمثل مرحلة طفولة ونشأة وتطور هذا الفن ، بل أن التراث حمل أشكالا متعددة من الحكايات والقصص العاطفية والاجتماعية والدينية والفلسفية والرمزية كقصص المتصوفة ، بل عرف أشكالا فنية للقصة ، كالقصة الخبر ، والقصة النادرة ، والقصة ذات الموضوع الواحد ، والقصة السيرة ، والأمثلة كثيرة لا مجال لسردها مما يؤكد على أن موضوع القصة في التراث مهما اختلفت مستوياتها الفنية موضوع لا يمكن إنكاره . ناهيك أن القصة الغربية في نشأتها وبداياتها تأثرت من بين ما تأثرت به بحكايات وقصص وسير التراث العربي عن طريق الترجمة إلى الأسبانية ومنها إلى اللاتينية .
( في هذا الموضوع راجع : الشاروني : القصة القصيرة (4) ، الطاهر أحمد مكي : القصة القصيرة (5) ، محمد غنيمي هلال : النقد الأدبي (6) ، علي شلش : في عالم القصة (7) ، ضياء الصديقي : فنية القصة في كتاب البخلاء للجاحظ (8) .
غير أن القصة العربية الحديثة نشأت متأثرة بالقصة الغربية ولم تتطور من قصص التراث ، رغم أن هناك اتجاه اليوم لدى كتاب القصة بالعودة إلى التراث العربي والاستفادة من خاماته السردية .
وإذا كانت القصة العربية الحديثة قد نشأت متأثرة بالأدب الغربي ترجمة وتقليدا ثم إبداعا ، فإنها اليوم تعد رافدا من روافد الفن القصصي العالمي ، وأسماء مبدعيها المتميزين كثر على امتداد الوطن العربي ، سواء في الرواية والذي يعد نجيب محفوظ أبرز مبدعيها ، أو القصة القصيرة التي يعد يوسف إدريس أشهر مبدعيها .
المبحث الأول : القصة القصيرة في أدب الإمارات
عرفت منطقة الخليج فن القصة وأشكال الفنون الأخرى كالشعر الحديث والمسرح والتشكيل متأخرا بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى كمصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين وذلك للظروف السياسية التي مرت بها هذه الدول من التحرر من الاستعمار ، وقيام حركات نهضوية وتنويرية دفعت المجتمع قدما إلى الأمام كانتشار التعليم والانفتاح الحضاري والثقافي على العالم الجديد وتطور المؤسسات وبالتالي ظهور اتجاهات فكرية متضادة ومتصارعة ومن ثم التعبير عن هذه الأفكار بأشكال متعددة ومنها القصة .
أما دول الخليج ، فلم تخض هذه الظروف إلا بعد أن قطعت الكثير من الدول العربية شوطا في البناء الاجتماعي والثقافي ، ولم تبدأ حركة المجتمع فيها إلا بعد بدء حركات التحرر ونجاحها ، خاصة ثورة يوليو 1952 في مصر والتي خرجت إلى العالم العربي بنظريات جديدة وبمقولات استطاعت أن تجمع حولها الشعوب العربية كمقولة القومية العربية ، مع الأخذ بالاعتبار عاملا مهما أخر بالنسبة لدول الخليج وهو عامل النفط الذي غيـّر ، بل هـزّ المجتمع القديم .
أما في مجال القصة فقد أجمع الدارسون على أن أولى الأعمال القصصية التي تتمتع بقدر كبير من المواصفات الفنية كانت للكاتب عبد الله صقر الذي أصدر مجموعة ( الخشبة ) في دبي سنة 1974 أو 1975 ، ويذكر أن عبد الله صقر نشر قصة ( قلوب لا ترحم ) في نشرة نادي النصر الرياضي أواخر الستينات . والبعض يجعل القاصة الإماراتية شيخة الناخي أول رائدة في كتابة القصة بقصتها ( الرحيل ) التي كتبت سنة 1970، وسواء كان أول من كتب القصة في الإمارات عبد الله صقر أو شيخة الناخي فالمهم أن بداية كتابة القصة في الإمارات هو بداية السبعينات من القرن العشرين
( في تاريخ القصة في الإمارات ، انظر عبد الحميد أحمد : توصيفات عامة حول القصة والرواية في الإمارات (9) ، الرشيد أبو شعير : مدخل إلى القصة القصيرة الإماراتية (10)، ضياء الصديقي : البيئة المحلية في القصة القصيرة في الإمارات (11) ، ثابت ملكاوي : القصة القصيرة في الإمارات (12)
ويقسم القاص عبد الحميد أحمد بدايات كتابة القصة القصيرة وتطورها إلى
أربع مراحل : (9)
المرحلة الأولى : البدايات ( 1968- 1971 )
وكما سبق ذكره أن عبد الله صقر أول من خطا الخطوة الأولى في مجال القصة في الإمارات فكتب قصة ( قلوب لا ترحم ) ونشرها في نشرة نادي النصر الرياضي نهاية الستينات ، ومعه كان لفيف آخر من الشباب قد بدأوا محاولاتهم في نشرات الأندية ومنهم مريم جمعة فرج .
المرحلة الثانية : الاستمرار ( 1972 – 1975 )
استمرت محاولات كتابة القصة على أيدي مجموعة من الشباب كتبوا جميعهم في فترة واحدة ، وحظيت محاولاتهم بالنشر وبشيء من الاهتمام لدى المجلات والصحف . فمع قيام الدولة وتوفر الامكانات ازداد التعليم انتشارًا ووصل إلى مرحلة التعليم الجامعي عن طريق البعثات الدراسية وتطورت واتسعت أجهزة الإعلام كالصحف والتلفزيون والإذاعة والمكتبات ، وصدور مطبوعات يومية وأسبوعية وشهرية . ثم ظهرت الطفرة الاقتصادية المادية التي قضت على أشكال الإنتاج القديمة البسيطة وأحلت محلها الوظائف الإدارية والمساعدات الاجتماعية وفرص التعلم والتجارة الحرة وبروز المؤسسات الخدماتية والإعلامية والاقتصادية ..الخ حتى أصبحت البلاد قريبة جدا من العالم الخارجي ، ونتيجة لهذه الظروف ظهرت محاولات أخرى في كتابة القصة القصيرة بل والرواية أيضا .
( على سبيل المثال لا الحصر ) :
1- ( الجزاء ) و ( ضحية الطمع ) لعلي عبيد .
2- ( الجحيم ) و ( هذا هو الحب ) لمظفر الحاج مظفر .
3- ( يوم في حياة موظف صغير ) و( عابر سبيل ) لمحمد علي المري .
4- ( الفرار ) و ( خلف الباب المغلق ) لعبد الحميد احمد .
5- رواية ( شاهندة ) لراشد عبد الله .
6- رواية ( دائما يحدث في الليل ) لمحمد غباش .
المرحلة الثالثة : الضمور الثقافي ( 1975 – 1979 )
في هذه الفترة لم يسجل فيها المزيد من الكتابات القصصية ، فقد توقف بعض من وردت أسماؤهم آنفا عن الكتابة لظروف الدراسة في الخارج ولم تظهر أسماء جديدة ، ولعل السبب أن الفترة المذكورة شهدت سباقا محموما في مجتمع الدولة نحو البناء والانتشار واللهاث وراء المال مما غيـّب كثيرا الاهتمام بالنواحي الثقافية .
إن توسع البناء والتجارة بشكل كبير قابله ضمور في الثقافة الجادة … وكانت وتيرة الحياة اللاهثة سريعة إلى درجة لم يسمح بظهور المزيد من الكتابات في هذا المجال إلا من بعض الأعمال القليلة جدا منها مجموعة
( الشقاء ) لعلي عبد العزيز الشرهان فور عودته من الخارج بعد أن أتم دراسته الجامعية ، وتتناول مجموعته هموم الإنسان في المنطقة أيام الغوص وصيد الأسماك ، وكأن الشرهان يؤكد انتمائه الفعلي كمضمون للجيل الأول رغم انتماء مجموعته زمنيًا للحاضر ، مما يعزز القول بأن ظهورها في هذه الفترة كان استثناء غير عادي .
ومن الأعمال القليلة بعض القصص البسيطة لإسماعيل شعبان وعبد القادر أحمد وغيرهما نُشرت في ( أخبار دبي ) و ( الأهلي ) ، وهناك عمل لمحمد ماجد السويدي ، وهي أقاصيص تقترب من الخواطر في كتابه ( دانة يا بحر دانة ) .
المرحلة الرابعة : الانطلاق والتجريب ( 1979 – ………. )
عام 1979 كان حاسما ليس لفن القصة القصيرة فحسب بل أيضا للشعر الحديث ، والمسرح ، والتشكيل وغيرها . وهذا العام هو بداية مرحلة ثقافية اجتماعية جديدة لا زال عطاؤها مستمرًا إلى الآن .
فما الذي جرى في هذا العام وقبيله ؟ .
قبيل عام 1979 و كرد على سمة الاستهلاك وحياة الخمول والجمود الثقافي ومع عودة الكثير من دراستهم الجامعية ، تشكلت حياة اجتماعية وثقافية لا تخلو من الوعي الاجتماعي المضاد للوعي والثقافة السائدة ، وتأسست كثير من الجمعيات الثقافية والمهنية كبدائل طبيعية للأندية الرياضية التي أهملت الجوانب الثقافية لحساب الرياضة .
لقد شعر الشباب الخريجون بخاصة بضرورة أن يكون لهم دور ما في حركة المجتمع … فهيأوا لخلق أجواء جديدة تعتبر الإنسان محورا وهدفا في عقله وفكره لا في جيبه فراحت النوادي الثقافية تعقد الندوات والمحاضرات والأمسيات والمعارض تأكيدا على إحياء الاهتمام بالثقافة والفكر .
وشهد العام نفسه صدور مجلة ( الأزمنة العربية ) التي واكبت اهتمام الجمعيات الثقافية من ناحية ومن ناحية أخرى قدمت أجل الخدمة في هذا المضمار ، حيث كرست الثقافة والأدب ضمن اهتمامها الأساسي وأعطت الفرصة للأقلام الشابة الجديدة كي تعبر عن إبداعاتها الكتابية برعاية الشعر الحديث والقصة والنشاط المسرحي والتشكيلي . ثم جاءت جريدتا ( الخليج ) و ( البيان ) . ولعل ( الأزمنة العربية ) شجعت بقية المطبوعات من الصحف والمجلات والدوريات على الاهتمام بالثقافة ، فبدأت تظهر انبثاقات جديدة في القصة والشعر مضمونا وشكلا ، فتطورت المضامين إلى جانب تطور الشكل الفني للقصة ، فكان اهتمام القصة الجديدة في الإمارات التأكيد على المضمون الاجتماعي الإنساني كحرية الإنسان ومبدأ العدالة والمساواة وكشف الزيف والخلل الكامن في بنية المجتمع النفطي ، وبدأ الأدب وضمنه القصة ينتقد الأوضاع السائدة ويتناول السلبيات والتناقضات والصراعات التي أفرزها النفط مؤكدا على حتمية وضرورة التغيير وانتصار القضايا الأساسية للإنسان كما أكد على هوية الإنسان العربي في المنطقة .
كما تطور في هذه المرحلة الشكل الفني للقصة ليواكب المضمون والوعي الجديد ، وحاولت القصة ولا تزال كسر الشكل الفني القديم وتناول الموضوع ضمن سياق حديث لا يعترف كثيرا بالقيود الأسلوبية والبنائية القديمة وأخذت تجرب أشكالاً جديدة .
في هذه الفترة صدر العديد من المجموعات القصصية الجديدة منها
( الخروج على وشم القبيلة ) لمحمد حسن الحربي ، ( السباحة في عيني خليج يتوحش ) لعبد الحميد أحمد ، ( ذلك الزمان ) و ( زلة العذارى ) لعبد الرضا السجواني ، ( حب من نوع آخر ) و ( الفرصة الأخيرة ) و ( صداقة ) لمحمد المر ، ( الخيمة والمهرجان والوطن ) لليلى أحمد . إلى جانب روايتي علي أبو الريش
( الاعتراف ) و ( السيف والزهرة ) .
بعد هذا العرض ، السؤال الذي يطرح نفسه : لماذا تأخر ظهور القصة في أدب الإمارات حتى السبعينات من القرن العشرين ؟
لعل العوامل التي أدت إلى ظهور القصة القصيرة في الإمارات تكاد تكون العوامل نفسها التي أدت لنشأة هذا الفن في دول الخليج ، منها تطور حركة التعليم ، وظهور الصحافة التي احتضنت هذا الفن سواء في الآداب الغربية أو الأدب العربي الحديث ، إضافة إلى ازدهار الحركة التجارية والاقتصادية وبخاصة استثمار النفط ، إلى جانب الاطلاع على الأدب القصصي العربي منه والغربي الذي يترجم إلى العربية على نطاق واسع ، هذه العوامل جاءت متأخرة فالإمارات – كما يقرر القاص عبد الحميد أحمد – ، ظلت حبيسة العزلة الحضارية زمنا طويلا حتى منح الاستقلال وقيام دولة الاتحاد ، وقبلها كان التطور بطيئا ، والإنتاج الاقتصادي إنتاج بدائي يعتمد على الغوص وصيد السمك والرعي وبعض الزراعة والتجارة المتخلفة . يقول عبد الحميد أحمد : ( ولولا بعض التعليم الذي أصاب المنطقة بشكل معقول بعد المد القومي على أيدي البعثات التعليمية من مصر …لقامت الدولة من دون أن تجد من بين أبنائها متعلما واحدا ) (9)
لذا فقيام الاتحاد وبناء الدولة الجديدة بمؤسساتها الثقافية والتجارية والاقتصادية والاجتماعية أدي إلى ظهور أشكال من الفنون كالمسرح والتشكيل والشعر الحديث والقصة .
غير أن العامل الاجتماعي له دور أساسي في ظهور فن القصة القصيرة ، ذلك أن التحول الكبير من المجتمع القبلي إلى الدولة المؤسساتية المتحضرة أدي إلى تغيير اجتماعي ، فكان من نتائجه ظهور الشريحة الاجتماعية الوسطى ، وهي أكثر الشرائح توجسا من عملية التغيير فراحت تتولى مهمة رصد مظاهره والتعبير عن هواجسه الاجتماعية والحضارية ، ( فلم تجد أفضل من القصة القصيرة شكلا أدبيا يستطيع أن يمتص جوهره و يستوعب قضاياه و تناقضاته و افرازاته ) (10) .
وأخيرا يلاحظ على نشأة وتطور القصة القصيرة في أدب الإمارات ما يأتي :
1- إن القصة في الإمارات استفادت من التجارب القصصية العربية والعالمية ، لذا يمكن القول أنها ولدت مكتملة تقريبا ، فلم تمر بالمراحل الأولى لنشأة القصة في أقطار عربية أخرى ، فاختصرت المدة الزمنية في تطورها، لكن هذا لا يعني أنها تخلومن بعض الهنات شكلا ومضمونا مما يشوب الأعمال الأدبية الرائدة بشكل عام .
2- إن كتـّاب القصة القصيرة في أدب الإمارات منذ نشأتها حتى الآن من كلا الجنسين كـُـثر ، وربما أكثر من عدد الشعراء أو كتاب المسرح أو التشكيليين ، ومنهم متميزون فنيًا .
3- زيادة عدد كاتبات القصة القصيرة في الإمارات بشكل واضح ، ومنهن مبدعات يلفتن الأنظار .
4- إن التعبير عن الواقع الاجتماعي المتغير يكاد يكون الموضوع السائد في القصة القصيرة في الإمارات .
( سنتناول هذا الجانب بشيء من التفصيل لا حقًا ) .
5- إصرار كتاب القصة القصيرة في الإمارات من الشباب على التجريب ومحاولة كسر الأسلوب التقليدي للقصة القصيرة سواء في اللغة أو الأسلوب أو الشكل البنائي في القصة .
( سنحدد تطور القصة فنيا لا حقا ) .
المبحث الثاني : موضوعات القصة القصيرة
لا شك أن القصة القصيرة هي أكثر الأشكال الأدبية ملاءمة لاستيعاب الواقع الاجتماعي ورصد مظاهره ومتغيراته ، نلحظ ذلك في القصة الغربية كما نلحظه في القصة العربية ، وليس القصة الإماراتية بعيدة عن ذلك ، خاصة أن الواقع الاجتماعي في الإمارات بعد النفط واقع خصب مليء بالموضوعات الجديدة لذلك فمعظم الموضوعات التي عالجتها القصة الإماراتية متصلة ببيئة الإمارات المحلية إلا القليل منها تطرقت إلى بعض الهموم العربية ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية كما في قصة الأرصفة العربية لعبد الحميد أحمد .
على أن الموضوعات التي عالجتها القصة في أدب الإمارات تبقى خاصة بالقصة الإماراتية ، لكن ذلك لا يعني أنها ظلت متقوقعة على ذاتها بل أنها استطاعت ( أن تتجاوز البيئة المحلية والعربية في كثير من الأحيان كي ترتاد آفاقا إنسانية شاملة بالرغم من ارتباطاتها بتلك البيئة ) (10) .
من الموضوعات التي تناولتها القصة الإماراتية :
1- العمالة الأجنبية الوافدة : (13)
لقد تباينت مواقف كتاب القصة القصيرة في الإمارات إزاء العمالة الوافدة ، إذ رفض بعضهم هذه العمالة في قصصهم وعبروا عن مدى خطرها على الهوية الوطنية والثقافية لمجتمع الإمارات ، الخطر الذي يبلغ مستوى الإجرام ، كما في قصة محمد المر ( يأتي الموت و تأتي الحياة ) وقصة ( إعلان في جريده ) ، والإحساس بالضيق ذرعا بهذه العمالة المزاحمة كما في قصة عبد الله صقر
( نشوة وسط اضطراب لعالم يموت ) .
بينما ينظر كتاب آخرون إلى هذه العمالة الوافدة باعتبارها عمالة بائسة تعاني الفقر والاغتراب والحرمان ، مثل قصة ( رجل من بنغش ) وقصة ( أشياء كويا الصغيرة ) لعبد الحميد احمد ، وفي قصة ( اتهاد .. كليج ..بيان ) لنا صر الظاهري ، وقصة ( دموع على الرصيف ) لعلي عبد العزيز الشرهان .
2- الزواج من أجنبيات :
وكانت من الموضوعات التي اهتمت بها القصة كظاهرة اجتماعية في فترة من الفترات ، غير أنها توشك أن تختفي في الكتابات القصصية اليوم . ومن القصص التي عالجت هذه الظاهرة ( رسائل زوجة انجليزية ) لمحمد المر ،
و( DREAM ) لعبد الرضا السجواني ، و( خيوط من الوهم ) لشيخة الناخي .
3- الاحساس بالفراغ والسلوك المنحرف :
إحدى إفرازات المدينة الجديدة التي يقف محمد المر مسجلا كل مظاهرها السلبية بشكل مباشر وغير مباشر كما في قصصه الساخرة ، منها على سبيل المثال ( حبوبة ، عنتر ، عبود امريكاني ، الفرحة الأخيرة ) .
( لرصد حركة المدينة الجديدة لدى محمد المر ، انظر ضياء الصديقي : البيئة الاجتماعية في قصص محمد المر ) (14) .
4- تصدع العلاقات العائلية :
خاصة فيما يدخل بعلاقة الآباء بالأبناء العاقين كما في قصص علي عبد العزيز الشرهان وعبد الرضا السجواني ، وقد يتخذ هذا التصدع في العلاقات الإنسانية شكل صراع حاد بين الأجيال كما في قصة ( موت العصا ) لحارب الظاهري .
5- النزعة المادية :
كما يتضح في غلاء المهور، والزواج ذي الهدف المادي ، وصراع الأشقاء على الإرث ، … وغيرها من الموضوعات التي ترصد أثر النزعة المادية على المجتمع ، ويتضح ذلك في الكثير من قصص محمد المر ، وقصة ( الرحيل ) لشيخة الناخي ، وقصة ( عشبة ) لسلمى مطر سيف .
6- الآثار السلبية للتحول من حياة البحر الى حياة النفط :
ولعل عبد العزيز الشرهان ، وعبد الحميد أحمد أكثر الكتاب الذين تناولوا هذه الآثار بوصفها ثمنًا للتمدن والانتقال من حياة البساطة إلى حياة التحضر ، مثل قصة ( أحلام زائفة ) لعلي عبد العزيز الشرهان ، وقصتي ( الطائر الغمري )
و ( والبيدار ) لعبد الحميد أحمد .
هذه المضامين التي قدمتها القصة القصيرة – وغيرها كثير – تتصل كلها في محور رئيس عام ؛ هو محور التغيرات الاجتماعية الكبيرة التي تشهدها الإمارات العربية المتحدة ، فالقصة الإماراتية ارتبطت ولا زالت مرتبطة بالمجتمع ، تنهل من موضوعاتها ، متعرضة لماضيه وحاضره ، كاشفة عن المشاكل الناجمة عن عملية التغيير الاجتماعي والانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث (11) .
وبين الشد والجذب ، بين قيم هرستها المدينة الجديدة وحولتها إلى كتل إسمنتية ، وبين واقع خارجي يمت للجديد بكل تحفزه وتحديه ، وواقع داخلي لازال يعيش الماضي ، لم يكن أمام الكتـّاب إلاّ البحر . فكان الحنين إلى البحر هو الموضوع الأثير لدى كتاب القصة في الإمارات ، وتكاد لا تخلو مجموعة قصصية من تناول موضوع البحر ، بل ذهب نجيب العوفي أن القصة في الإمارات ( تقص البحر ، البحر من ورائها الذاكرة ، والبحر أمامها في الباصرة ، وليس لها إلاّ البحر أفقـًا للمغامرة ؛ وأفقـًا للكتابة ) (14) .
البحر في القصة الإماراتية ليس امتدادا جغرافيا طبيعيا في أعمال القصاصين ؛ بل يشكل حضورًا روحيًا وتاريخيًا ؛ يحفر أغواره العميقة في وجدانهم ، وذلك نظرا إلى الارتباط اقتصاديا واجتماعيا فيما قبل اكتشاف النفط واستثماره (10)
وقد تم تناول البحر في القصة الإماراتية بأشكال متعددة ورؤى متنوعة منها :
1- الرؤية الحيادية :
بمعنى أن يكون البحر – في القصة – طبيعيا لا يختلف عن غيره من الأشياء والأمكنة ، يوصف دون عمق أو تأثير على الشخصيات أو اضفاء دلالة . ولعل أعمال محمد المر نموذج جيد لهذه الرؤيا الحيادية ، فمحمد المر أكثر القصاصين تناولا للمدينة الجديدة في أعماله ، بكل مظاهرها المادية : من شوارع وبيوت وعمارات وأبراج ، وأحيائها الفقيرة والراقية ، والمعنوية: قيم المدينة الجديدة .
ويأتي البحر في قصص محمد المر حضورا مكانيا جغرافيا حياديا بالنسبة إلى الشخصية القصصية ، وحضورا زمنيا في الذاكرة الجماعية ، وكلا الحضورين تعامل الكاتب معهما بموضوعية وحيادية . ومحمد المر – في هذه الرؤية الحيادية للبحر في قصصه – يعبـّر عن موقف واع ، ذلك أن المر اختار الوقوف إلى جانب التطور الحضاري الكبير الذي مسَّ الحياة العامة في مجتمع الإمارات ، بل أن قصصه على حد تعبيره 🙁 بعيده عن الحنين الرومانسي إلى الماضي ، بل أنها تسخر من أولئك الذين يريدون أن يصوروا لنا مجتمعات الفراديس الماضية )
2- الرؤية الرومانسية :
وتتضح هذه الرؤية في النزعة الذاتية في التعامل مع البحر باعتباره رمزا للجيل السابق ، في نفس الوقت هو رفضٌ للتطور الحضاري بوصفه مناقضا لإنسانية الإنسان ، ومن ثم الهروب إلى الماضي وحياة الصيد والغوص ، رغم مشقة ومعاناة حياة الماضي ، وأحيانا اللجوء إلى عوالم الحلم والوهم وقصص المغامرات التي تعبر عن بطولة نادرة في مواجهة العواصف . ورغم تعدد أشكال تناول البحر ضمن هذه الرؤية ، يظل البحر رمزا للحياة الماضية التي تمتلئ حركةً وجهدًا خلافا للحياة الواقعية الجديدة ، كما في قصة ( عاشق البحر ) لإبراهيم مبارك . وفي الكثير من قصص مجموعة ( الشقاء ) لعلي عبد العزيز الشرهان نجد التعلق بالماضي والحنين إلى الأرض والحياة البسيطة والضيق والتذمر من الحياة الجديدة .
غير أن الواقع الجديد يفرض نفسه حتى على البحر ، فبعض الشخصيات لا تستطيع الحياة إلا بالتشبث بالماضي ؛ مبارك – على سبيل المثال – بطل قصة ( حالة غروب ) لعبد الحميد أحمد الذي يحاول أن يتشبث بالماضي الحلم ، لكن الحاضر الواقع يفرض نفسه عليه بقوة وصرامة فيموت على الشاطئ كمدًا ، ليصبح بالفعل جزءًا من ذلك الماضي الذي ولى . وقصص أخرى رصدت ما حصل للبحر – الماضي من حاضر قاس ٍ وحضارة وافدة بمفهومها السلبي ، كما في قصتي ( شدة وتزول ) و ( ميادير ) لناصر جبران . أما قصة ( ذهول ) لعبد الرضا السجواني فإنها تؤكد على الخوف على مستقبل البحر الذي كان رفيقا للإنسان ومصدر رزقه ، فيغدو ومصدرًا للرعب وانطلاق الصواريخ الرعناء التي تفتك بالأطفال .
هذا القلق على مستقبل البحر يعد في جوهره وجهًا من أوجه الخوف من العصر الجديد وما يصاحبه من تطور حضاري قد يهدد الوجود الإنساني في حد ذاته . هذا إضافة إلى مجموعة من القصص التي تناولت أحداث ومغامرات وحكايات عن البحر والتي تعد ملمحا من ملامح الرومانسية في السرد القصصي الإماراتي مثل قصة ( هجير الصيف ) لأسماء الزرعوني ، وقصة ( حفرة دون قاع ) لعلي الشرهان .
ولا شك أن توظيف هذه الخامات القصصية يعكس مدى ارتباط الكاتب الإماراتي بحياة البحر، بل أنه يعكس ضربا من الصراع الخفي بين الماضي التراثي والحاضر المعاصر . (16) .
3- الرؤية الواقعية :
تتجلى ملامح هذه الرؤية في التعامل مع البحر تعاملا موضوعيا، تركز فيه على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية التي تتشابك في ظل العمل في البحر وهذه الرؤية نجدها في الكثير من قصص الكتـّاب الإماراتيين ، فعبد الحميد أحمد في قصة ( السباحة في عيني خليج يتوحش ) يصف معاناة جيل البحر، ويرصد آثار تلك المعاناة في حياة الآباء والأبناء على حد سواء ، فالمعاناة التي كان يعانيها جيل الآباء أو جيل البحر تنعكس على جيل الأبناء أو جيل النفط ، وإذا كان البحر قد اختطف جيل الآباء فإن الأساطيل المحملة بالدمار والخراب تهدد باختطاف الأبناء . فالكاتب هنا لا يتعلق بالماضي بوصفه فردوسا مفقودا ، في نفس الوقت يعبر عن قلقه إزاء الحاضر الذي ينذر بأن يكون وجها لعملة واحدة . ومثال آخر على الرؤية الواقعية ، يحاول سعيد سالم الحنكي في قصة ( إلى
عبد الله الصغير وصية ) أن يتغلغل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تحكم مجتمع البحر مركزا على الصراع بين النوخذا والغواص الذي يعلن تمرده على النوخذا . وفي قصة ( سكون ) يحاول عبد الرضا السجواني أن يرصد الآثار السيئة على صيد السمك وتجارته في ضوء التطور الحضاري في عصر النفط .
والقصص التي تناولت البحر برؤية واقعية قصص كثيرة ، وإن اختلفت في مستوياتها ومشاربها الفكرية ، منها ما تتسم بواقعية تسجيلية ، ومنها واقعية نقدية ومنها واقعية أيديولوجية .
( القصص التي ذكرت آنفا كانت على سبيل المثال لا الحصر ) .
4 – الرؤية الأسطورية :
هذه الرؤية لها جذور في التاريخ البشري ، فالإغريق كانوا ينظرون إلى البحر باعتباره كائنا أسطوريا مسكونا بالآلهة التي تحركه كما تشاء ، والفراعنة يؤلهون النيل ويعتقدون أنه علـّمهم الدين والفلك والكتابة والزراعة والصناعة . ورغم أن هذه الرؤية الأسطورية تعبر عن مرحلة طفولة الفكر البشري التي تخطاها الإنسان واهتدى إلى المناهج العلمية في تفسير الكون مستفيدا من الكتب السماوية ، فاختفت من حياة الإنسان كلية لكن آثارها لا زالت مستمرة في بعض رؤى الإنسان ، وخاصة الرؤية الأدبية والفنية التي تتجلى في موجة ( الواقعية السحرية ) المعاصرة في أدب أمريكا اللاتينية الحديث (16) .
هذه الرؤية الأسطورية نجدها في كثير من قصص كتـّاب القصة القصيرة في الإمارات ، ففي قصة ( العرس ) لسلمى مطر سيف من مجموعة ( عشبة ) تتزوج بطلة القصة ( حمامة ) ست مرات وينتهي زواجها بالإخفاق ، فيحاول أهلها علاجها من الجني الذي تلبـّسها لكن دون جدوى ، وتـُوسـم بمـيـسـم حديدي لكن دون فائدة ؛ ويخفق حتى الطبيب في علاجها ، أخيرًا تلجأ ( حمامة ) إلى البحر فيعود إليها وعيها وتوازنها . والنتيجة التي وصلتها حمامة تصلها بطلة قصة ( غياب ) لسلمى مطر سيف أيضا ، أما بطلة قصة ( بحران نشوان ) لسلمى مطر سيف أيضا هي نفسها شخصية أسطورية ، ولعل القصص الثلاث لسلمى مطر سيف نموذج جيد للرؤية الأسطورية في التعامل مع البحر ، فبطلتي ( العرس ) و ( غياب ) تجدان سعادة كبرى في أن تزف إلى البحر … ، أن تكون عروسة البحر … ، أن تجد الخلاص في البحر ، أما البطلة الوهمية في ( بحران نشوان ) فطبيعتها من طبيعة البحر . وفي قصة ( غواية ) لعبد الحميد أحمد من مجموعة ( على حافة النهار) مثال آخر للرؤية الأسطورية في التعامل مع البحر ، فبطله يحلم بالبحر ويحنّ إليه حنينًا جارفا ، يندفع هذا الشخص نحو البحر غير مبال بتساقط أعضائه الواحد تلو الآخر ، وعندما يقترب من البحر يسقط آخر عضو فيه وهو رأسه الذي يتدحرج منفصلا عن جسده .
وبعد ، فرغم أن التعامل مع موضوعة البحر في القصة الإماراتية متعددة ومتنوعة ، فإنها متجاورة أيضا وليست متسلسلة تاريخيا ، وهو أمر معقول ومنطقي ( مادامت القصة الإماراتية حديثة عهد زمنيا ، تسعى إلى تمثيل كل التجارب والمذاهب القصصية العربية والعالمية في وقت واحد ، وتحرص على تأكيد هويتها المتميزة الناضجة )(16) .
المبحث الثالث : الشكل الفني للقصة القصيرة في الإمارات
قبل الخوض في الشكل الفني للقصة القصيرة في أدب الإمارات هناك ملاحظتان نوردهما تباعا :
أولاً : سبق أن ذكرنا أن القصة في الإمارات ولدت مكتملة تقريبا ، ذلك أنها استفادت من التجارب التي مرت بها القصة العربية والقصة العالمية ، لذا اختصرت الفترة الجنينية التي مرّ بها الشكل السردي العربي والعالمي ، واختصرت المدة الزمنية في تطورها ، لكن هذا لا يعني أنها تخلو من بعض الهنات والعثرات التي تشوب الأعمال الأدبية الرائدة، غير أن الشباب سرعان ما حاولوا تجاوز جماليات السرد القصصي التقليدي العالمي والعربي ، بل بدأوا يتجهون إلى خوض غمار التجريب .
ثانيًا : إن الحديث عن اتجاهات القصة في الإمارات على نحو ما نجده في الآداب الأوروبية الحديثة والأدب العربي بشكل عام ، حديث سابق لأوانه ( لأن التجارب القصصية الإماراتية تظل في مرحلة الشباب ( عمرًا وليس نضجا ) تحتاج إلى عقود أخرى من السنوات حتى تتضح معالم اتجاهات ومذاهب أدبية ترسم حدود الأجيال الأدبية بشكل صريح غير مضمر ) (10) .
مع ذلك يمكن أن نلحظ بعض ملامح اتجاهات معينة تتعايش مع بعض ولا تتعاقب مثل ملامح الاتجاه الرومانسي في أعمال شيخة الناخي ، وملامح الاتجاه الواقعي كما في أعمال محمد المر وعبد الحميد أحمد ، وملامح الاتجاه الرمزي أو الأسطوري كما في أعمال سلمى مطر سيف ومريم جمعة فرج ، وربما ملامح الاتجاه الوجودي في أعمال علي أبو الريش .
نعود إلى الشكل الفني للقصة الإماراتية ، ومن خلال عرضنا سنتناول الملاحظتين السابقتين بشكل تفصيلي .
يؤكد عبد الحميد أحمد أن مجموعة القصص المنشورة بين عام 1970 – 1975 والتي تعد بدايات كتابة القصة القصيرة ، كانت كلها تقليدية في البناء الفني ، تجنح إلى الرومانسية ، وتمتلئ بالبكاء والحزن ومشاعر الأسف والندم والخيبة ، وتعالج هموما اجتماعية كغلاء المهور وزواج الصغيرات من الكهول الأثرياء ، مما يكشف الخيبة والفشل لا سيما فيما يتعلق بعاطفة الحب عند الشباب . أما التي عالجت مظاهر العلاقات الاجتماعية في مجتمع النفط الجديد ، فكانت قصص تقريرية مباشرة تعتمد في الصياغة على السرد اللغوي المطول أحيانا ، بل بعضها خطابية تتجه إلى النصيحة المباشرة (9) .
وقريب من هذا نلاحظه في القصة الرائدة ( الرحيل ) لشيخة الناخي ، فالمقدمة طويلة مباشرة وتقريرية ، مما أفقدها شروط القصة الفنية ، والزمن ممتد أدى إلى ترهل لا ينسجم مع البناء الفني للقصة .
ورغم أن مجموعة ( الخشبة ) لعبد الله صقر والتي تؤرخ بها بداية القصة في الإمارات، أفضل بكثير من محاولة شيخة الناخي ، فعبد الله صقر يمتلك الكثير من الأدوات الفنية ، ومنها اللغة المكثفة المتوترة الحادة التي تقترب من لغة الشعر ، إضافة إلى تعاملة مع الواقع من خلال الأحلام والرموز والأجواء الأسطورية أحيانا ، لكنها لا تخلو من بعض العثرات ، منها اقتحام موضوعات كبيرة لا يتسع لها شكل القصة القصيرة ، ومنها اضطراب البناء الذي يبلغ أحيانا مستوى التجريب الغريب ، إضافة إلى بعض الهفوات اللغوية .
قلنا أن طروحات الشباب بداية الثمانينات ، بدأت تتطور عن الطروحات التقليدية ، من خلال التأكيد على المضمون الاجتماعي الإنساني كحرية الإنسان ، ومبدأ العدالة والمساواة ( وكشف الزيف – على حد تعبير عبد الحميد أحمد – والخلل الكامن في بنية المجتمع النفطي نتيجة تطوره العشوائي ) (9) .
إلى جانب تطور الشكل الفني ، والذي يهمنا هنا التجديد في الشكل الفني الذي طرأ على القصة القصيرة في أدب الإمارات ، فالموضوع أو الفكرة مهما كانت جديدة أو إنسانية أو سامية لا يمكن الارتفاع بها إلا من خلال التعبير عنها بشكل فني .
لقد استطاع أغلب كتاب القصة القصيرة في الإمارات أن يعمّـقوا الرؤية الجمالية لفنهم، وأن يطوّروا أدواتهم إلى حد بعيد . ونشير هنا إلى أن الشكل القصصي الكلاسيكي المعروف ظل ولا يزال يتعايش مع تجريب تقنيات جديدة في القصة ، ولعل أكثر الكتـّاب الذين يخوضون مغامرة التجريب في التقنية القصصية القاص عبد الحميد احمد ، والقاصة سلمى مطر سيف ، وهذا لا يعني أن البقية لم تسع إلى التجديد في الشكل الفني .
وربما القاص محمد المر – وهو أبعد القصاصين عن التجريب ، فهو ليس من هواة المغامرات الشكلية – كان حريصا على الشكل التقليدي للقصة ، فهو في مجموعاته القصصية الأولى يستخدم الشكل القصصي المقالي الذي لا يلتزم بها بالحدث ( البداية والعقدة والنهاية ) ، كما أنه يتدخل بشكل مباشر ، ويركز على الشخصية أكثر من الحدث ، مثل قصص ( عفراء ) و ( كلمات للتاريخ ) و ( ما يقال وما لا يقال ) وغيرها .
وفي مجموعاته القصصية التالية يلتزم محمد المر بالشكل القصصي الكلاسيكي ، بتقديم حدث متكامل له بداية وعقده ونهاية ، والاعتناء برسم الشخصية ؛ بمعنى الالتزام بعناصر القصة كما صاغها جيكوف ، و موبسان ، ومحمود تيمور ، ويوسف إدريس ، كما في قصص ( انطفاء البريق ) و ( ياسمين ) و ( إعلان في جريده ) وغيرها .
إضافة إلى استخدامه شكل البناء المسرحي ؛ بمعنى الجمع بين القصة والمسرح ، وذلك لتداخل الأجناس الأدبية في العمل الأدبي في العصر الحديث ، ويتجلى هذا الشكل عند محمد المر بغلبة الحوار وإدارته مسرحيا ، والمر بارع في إدارة الحوار ، إلى جانب عنصر المواقف المسرحية والقائمة على المفارقة ، وهو عنصر قصصي لكن المر لحسن إدارته للحوار وغلبته يجعل المفارقة درامية ، نلحظ ذلك في قصص ( السيارة الجديدة ) و ( أبي نورة ) و ( المشرحة ) وغيرها .
ومع ذلك فان محمد المر – الحريص على الالتزام بشروط القصة الكلاسيكية – حاول في مجموعاته القصصية الأخيرة ومنها مجموعة ( سحابة صيف ) أن يستخدم بعض التقنيات الحديثة في شكل البناء القصصي الحداثي ، والحداثة هنا بمعناها التقليدي وليس الحداثة المعاصرة التي تتميز بالإغراق في الغموض وتحطيم مواصفات الأشكال الأدبية .
من هذه التقنيات الحداثية التي استخدمها محمد المر في مجموعاته الأخيرة :
1- استخدام الرسائل في بناء الحدث كما في قصة ( رسائل زوجة إنجليزية ).
2- استخدام اليوميات والمذكرات في بناء الحدث كما في قصة ( ماذا قال وارد قبل أن يموت ) .
3- استخدام تقنية الاسترجاع ( الفلاش باك ) وهي العودة إلى الماضي ، واسترجاع ذكريات معينة لها علاقة بالهاجس المعيشي في الحاضر ، كما في قصة ( مونولوغ ) من مجموعة ( سحابة صيف ) .
4- استخدام تقنية الحلم ، سواء حلم النوم أو حلم اليقظة وهي تقنية تسمح بالغوص في أعماق الشخصية ، كما في قصة ( السيدة خواجه ) .
5- تقنية التداعي الحر ، أي تداعي الأفكار بشكل حر إلى حد الهلوسة تعبـّـر عما يجري في اللا شعور ، مثل قصة ( ليلة ممطرة ) .
6- المنولوج ( الحوار الداخلي ) ، حوار الشخصية مع نفسها بصوت مسموع خلافا للتداعي الحر الذي يأتي في صورة هذيان مفكك ، والمر استخدم هذه التقنية في مجموعة ( سحابة صيف ) بشكل خاص مثل قصة ( مدام روز ) .
7- تداخل الأزمنة الماضي بالحاضر والمستقبل في القصة الواحدة ، والمر يلتزم بخط زمني واحد صاعدًا كان أم نازلا ً ( أي يبدأ القصة من نهايتها ) في الشكل التقليدي ، لكنه يحاول التحرر من الزمن الواحد إلى تقنية تداخل الأزمنة ، وذلك من خلال توظيف تقنيات الاستبطان مثل تقنية الاسترجاع والحلم والحوار الداخلي ، وكل القصص الذي استخدم فيها التقنيات الآنفة الذكر كان الزمن فيها متداخلا ( 10) .
آثرنا تسليط الضوء على التجديد لدى محمد المر باعتباره أكثر القصاصين الإماراتيين التزامًا بتقنية القصة الكلاسيكية . فماذا عن بقية الكتاب الآخرين ؟
قلنا أن معظم الكتاب يحاولون التجديد والتجريب في القصة شكلا ومضمونا ، ونركز القول هنا على التجديد في الشكل الفني . وإذا كان معظم الشباب يسعون إلى التجديد وتجريب تقنيات سردية جديدة ، فالنسبة تختلف من قاص إلى آخر وربما- كما ذكرنا سابقا – يعد عبد الحميد أحمد وسلمى مطر سيف ومريم جمعة فرج أكثر القصاصين جرأة
في تجريب التقنيات السردية الحداثية بالمفهوم المعاصر للحداثة ، على أن جميع الكتاب الشباب يحاولون أيضا .
فما شكل التجديد والتجريب في الشكل الفني للقصة ؟
هذه الأشكال التجريبية في مجموعها تمردٌ على الشكل التقليدي للقصة الكلاسيكية ، ونوجزها في :
1- تفتيت مفهوم الحدث التقليدي .
2- تنوع التعامل مع الشخصيات .
3- تنوع مستويات أساليب السرد .
4- كسر خط الزمن وتوظيف المكان .
5- تعامل جديد مع اللـغــة .
إن أشكال التجريب في البناء الفني للقصة الآنفة الذكر، يتعامل معها كل قاص بمستويات مختلفة ، لكن كلها في النهاية شكل من أشكال التجريب :
1- تفتيت مفهوم الحدث التقليدي :
ويأتي على شكل إلغاء الحدث أحيانا، كما في قصة عبد الحميد أحمد ( الصدى ) عن موظف يخلوا بنفسه ويتأمل ذاته ، ويأتي أحيانا على شكل غياب الحدث أصلا ، كما في مجموعة ( مندلين) ) لحارب الظاهري ، أو تقديم الحدث بواسطة عدة رواة ، كما في قصة ( خروفه ) لعبد الحميد أحمد ، أو تقديم أحداث منفصلة لا رابط بينها ، وهي ليست أحداث تقليدية ( بداية وحبكة وعقدة ونهاية ) وإنما مواقف مختلفة يربطها الزمن ، كما في قصة ( حدث في نصف ساعة ) لعائشة الكعبي .
2- تنوع مستويات التعامل مع الشخصيات :
فقد ترسم الشخصيات بعناية بأبعادها المادية والاجتماعية والفكرية ، لكن ليس نقلا حرفيا عن الواقع ، بل تغدو معبـّرة عن دلالات ورموز تتجاوز محيطها ، مثل شخصية ( محمد صالح ) في قصة عبد الحميد أحمد ( خرّوفة ) التي يركز فيها القاص على الشخصية الرئيسة وجعل الشخصيات الأخرى مرايا تلقي الضوء على الشخصية المحورية ، وأحيانا نرى نزعة التعميم في رسم الشخصيات ، فليس للشخصيات ملامح خصوصية تميزها عن غيرها، ليس لها أسماء أو سمات جسدية أو مواقف اجتماعية تؤكد تفردها ، إنها شخصيات مجردة مطلقة ، كما في مجموعة ( مندلين ) لحارب الظاهري .
3- تنوع أساليب السرد :
نلاحظ أولا تلاحم الشكل والمضمون ، كما في مجموعة عبد الحميد أحمد (على حافة النهار)، فأساليبه الفنية تنسجم مع المضمون وتلائمه وتعبر عنه، ومنها أيضا استخدام أسلوب السرد الشفوي الشعبي المتأصل في التراث العربي أو في الفلكلور المحلي ، ومنها الاهتمام بالسرد أكثر من العناصر الأخرى ، كما في قصة ( حدث في نصف ساعة ) لعائشة الكعبي ، ومنها استخدام تقنية القصة داخل القصة كما في قصة ( خواطر في أمسية ) لسارة النواف وهي تقنية جربت في المسرح بشكل خاص ، وهذا يأتي ضمن التجريب في القصة الإماراتية ونعني به تداخل الأجناس ، كما رأينا ذلك في بعض قصص محمد المر ، والإفادة من الشعر والخاطرة في السرد القصصي كما في قصص مجموعة ( مندلين ) لحارب الظاهري .
4- كسر خط الزمن وتوظيف المكان :
لا شك أن الالتزام بمواصفات الزمن القصصي الذي يُـكثف فلا يتجاوز فترة قصيرة ، سواء الصاعد منه أو الهابط ( أي بداية القصة من نهايتها ) كما رأينا عند محمد المر ، وهو ضمن عناصر القصة التقليدية لا زال يُـستخدم في القصة الإماراتية ، لكن الجديد هو كسر الزمن التقليدي ، فعائشة الكعبي في قصة ( حدث في نصف ساعة ) تتجاوز صفة الزمن الصاعد أو الهابط بل تفتح قنوات جديدة لذلك الزمن وهي قنوات دائرية ( انظر الرشيد أبو شعير ، مدخل ص 30 ) والقصة – كما ذكرنا سابقا – تتكون من مجموعة من المواقف ولكل موقف زمن مكملا ً لزمن موقف آخر .. وهكذا ، لكن من تقنيات الزمن الجديدة تداخل الأزمنة ، فلتعدد الرواة في قصة ( خرّوفة ) يجعل عبد الحميد أحمد لكل شخصية زمنها : ماضي البطل الذي يأتي متقطعًا ، ويدخل على الخط زمن شخصيتين لهما علاقة بالبطل ، ثم زمن الراوي الذي يعبـّر عن التجربة محللاً ومستنتجًا .
أما المكان فنلحظ توظيفا جديدا للمكان ، فهو ليس فقط المكان الذي يحدد الشخصيات ويجسد الحدث ، بل نجد المكان في مجموعة ( مندلين ) لحارب الظاهري مشحونا بدلالات المضامين ، فالمكان في المجموعة يحاصر الإنسان ويطوقه ويسجنه ويعميق إحساسه بالعزلة والاغتراب والضياع .
5- تعامل جديد مع اللغة :
لا شك أن توظيف اللغة بالمعنى الواقعي للقصة الكلاسيكية كما رأينا عند محمد المر لا زال يوظف في القصة في الإمارات ، لكن نلحظ أن بعض القصاصين بشكل عام له تعامل خاص مع اللغة يختلف عن غيره ، وبعضهم سعى إلى الارتفاع بلغته لتتناسب مع تجريب التقنيات الحديثة في القصة .
فمريم جمعة فرج تمتاز لغتها عموما بأنها لغة مُـكثـفة متوترة تتسم بالجموح والشاعرية المتمردة ، بينما نجد اللغة عند عبد الحميد أحمد في مجموعته الأخيرة ( على حافة النهار ) لغة جزله رصينة ، ليس بمعناها القاموسي ، بل تعامل متميز مع اللغة تتناسب مع الموصوف ، في حين نلحظ ملامح الخطاب الشعري في مجموعة حارب الظاهري ( مندلين ) .
المبحث الرابع : الواقعية السحرية كنموذج للقصة الإماراتية
لاشك أن أهم شكل من أشكال التجريب أو مغامرة التجريب هو ( الواقعية السحرية ) والتي سنلقي الكثير من الضوء عليها ، أولا لأننا نجدها شكلا تجريبيا يحاوله عدد من كتاب القصة في الإمارات ، ولأنها ثانيا تحمل في طياتها ما سبق ذكره مختصرًا من أشكال التجريب والتجديد .
فما هي الواقعية السحرية ؟
هي إحدى التيارات الأدبية العالمية التي تأثر بها الأدب العربي الحديث ، وهذه المرة جاءت من أمريكا الجنوبية ( اللاتينية ) منذ نهايات النصف الثاني للقرن العشرين ، وعلى وجه الخصوص في أعمال ( غابرييل غارسيا ماركيز ) الذي ترجمت أعماله إلى كثير من لغات العالم ومنها العربية . وتبلور هذا التيار بروايته الشهيرة ( مئة عام من العزلة ) والتي تأثر بها الكثير من الروائيين وكتاب القصة القصيرة العرب ، ومنهم الإماراتيون .
والواقعية السحرية ، و العجائبية ، و الواقعية الأسطورية ؛ كلها مصطلحات تلتقي في ميزتين أساسيتين :
1- الابتعاد عن التعامل المباشر مع الواقع .
2- تقديم الواقع على أنه عالم غريب عجائبي متمرد على معايير المنطق الواقعي ، وإذا كانت الواقعية الأسطورية تجد مادتها في الأسطورة
الموجودة أصلا ، فإن الواقعية السحرية تعتمد على ( مهارة الكاتب نفسه
في خلق أسلوبه المميز الذي لا ينهل من مادة موجودة مسبقا بقدر ما ينهل
من إمكاناته الإبداعية الذاتية ) مستفيدا من منهجية الأساليب التراثية
الإنسانية متطلعا إلى التعبير عن واقع حقيقي مثالي مجهول ) (10) .
وقبل تفحص الواقعية السحرية في القصة القصيرة في الإمارات ، لا بد من الإشارة عموما إلى الأسباب التي دعت الكتـّاب الإماراتيين إلى توظيف تقنية الواقعية السحرية ، و نوجزها بما يأتي :
1- اللجوء إلى الواقعية السحرية يأتي ضمن انتشار موجه ( الحداثة ) ، والتي ظهرت في أعمال الكثير من الشعراء والكتـّاب العرب في السبعينات من القرن العشرين ،مثل الطاهر بن جلـّون في الرواية ، وزكريا تامر في القصة القصيرة ، وأدونيس في الشعر ، أسماء على سبيل المثال لا الحصر . والجدير بالذكر أنه إذا كانت الواقعية السحرية تصب في الحداثة ، فإنها تظل متميزة عن غيرها من ألوان الحداثة التي أغرق بعضها في الغموض المتعمد ، مما يعكس هروبا من مواجهة القضايا الاجتماعية والإنسانية .
2- مما جعل الكتـّاب العرب ، ومنهم الإماراتيون يأنسون إلى أسلوب الواقعية السحرية ويستخدمون تقنياتها في أعمالهم ، هو وجود خلفية تراثية غنية
بمثل هذه التقنيات والتي لم يُـلتفت إليها من قبل مع الأسف ، وهذا ما أشرنا إليه في المقدمة مثل السرد المتمثل في ألف ليلة وليلة ، ورسالة التوابع والزوابع ، والسيرة الهلالية ..الخ وربما ماركيز نفسه ، وهو زعيم الواقعيين السحريين المعاصرين قد اطلع على كتاب ( ألف ليلة وليلة ) ، إذ يظهر في روايته المشهورة ( مئة عام من العزلة ) ذكر بعض قصص ألف ليلة وليلة من خلال تفحص ما يقرأه شخصية من الشخصيات (10) .
ولا شك أن العودة إلى الأنواع السردية في التراث العربي هو هاجس للبحث عن الهوية ، التي ضاعت وسط الكثير من الأشكال والأنواع الأدبية الوافدة والمستوردة . هذه الرغبة في البحث عن الينابيع القصصية البدائية في كل ألوان الكتابة وليس القصة فقط ، نجد ذلك في رواية ( الزيني بركات ) لجمال الغيطاني ، ( وليالي ألف ليلة ) لنجيب محفوظ ) ، و ( ليون الإفريقي ) لأمين معلوف ، ومسرحية
( حلاق بغداد ) لألفرد فرج ….
3- إن لجوء كتـّاب القصة القصيرة الإماراتيين للواقعية السحرية ، يؤكد تطور مفهومهم لطبيعة الأدب الذي يتنافى مع النزعة التسجيلية في التعامل مع الواقع ، كما عند الواقعيين الطبيعيين ، ويتنافى مع النزعة التعليمية كما عند الواقعيين الاشتراكيين ، إضافة إلى اطلاع الكتـّاب الإماراتيين على النماذج الناجحة في القصة العربية والعالمية بشكل واسع خاصة إثر قيام دولة الاتحاد .
4- رغبة في التجريب ، بمعنى التجديد والابتكار ، أو تثبيت وترويج قيم فنية جديدة قد اختيرت من قبل بفضل التجريب . ويظل بحثا مشروعا عن الأساليب والأدوات التي تمكـّن الكاتب من إزاحة الستار عن أرض بكر وواقع مجهول التضاريس ، فالواقع بالنسبة للروائي يظل واقعا مجهولا لا مرئي على حد تعبير الروائية الفرنسية ناتالي ساروت .
والذين جربوا أسلوب الواقعية السحرية من كتـّاب القصة القصيرة في الإمارات عدد كبير ، منهم : عبد الحميد أحمد ، سلمى مطر سيف ، علي الشرهان ، مريم جمعة فرج ، سعاد العريمي ….
فما ملامح الواقعية السحرية في القصة الإماراتية ؟
أولا : ملامح الشكل :
1- غرابة الحدث :
أو عجائبية الحدث وتناقضه مع طبيعة الأحداث المنطقية . ففي قصة ( نسمة هواء طائشة ) من مجموعة ( على حافة النهار ) لعبد الحميد أحمد على سبيل المثال ، يقدم حدثًا غريبا عجيبا ، فالشخصية ( ناحل بن راجل العاري ) الملقب بابي جائع المطحون – ( لاحظ دلالة الاسم ) – لم يأكل اللحم منذ سنوات ، وعند الجزار اكتشف أن اللحم قد تضاعف سعره وأن دريهماته قد سرقت منه ، فيضحك منه الجزار ، ويثب عليه يمزقه بساطوره ويعرض جـثـته على واجهة المحل ، ويرمي ببقاياه إلى صندوق الزبالة . لكن بقايا ناحل تتحول إلى صرصور أسود اللون يدبّ على الأرض ، حتى يقع في قبضة عمال البلدية ، فيرشونه بمبيد حشري فيلفظ أنفاسه ، ويلقونه في البحر فتلتهمه سمكة إفطارًا شهـيـًا لها .
فالقاص يريد أن يعبـّر بهذا الأسلوب العجائبي عن بؤس ناحل وإحساسه بالهوان والذل والانكسار في هذا الموقف الإنساني الرهيب ، لكنه لا يصف لنا هذا الإحساس وإنما يسرد أحداثا تصنف في خانة ( الحدث الواقعي السحري ) .
2- غرابة الشخصية :
من نافلة القول أنه لا فرق بين الحدث والشخصية ، فالحدث هو الشخصية وهي تعمل ، لكن نحاول تـفحص الحقيقة السحرية في بُـنية الشخصية . وعلى سبيل المثال شخصية ( عشبة ) في قصة عشبة من المجموعة نفسها لسلمى مطر سيف ، شخصية تتميز بكثير من السمات الغريبة ، فهي مشوهة متخلفة عقليًا غريبة المنظر والسلوك ، مكوّرة ، ذات عينين أشبه بعيني ضفدع ، وشفتين لا تنطبقان على بعضهما ، وهي تموء كالقطط ، وتعيش على حليب الماعز . أما زوجها ( مصبح ) فقد ارتضى الزواج منها طمعًا في إرث عشبة الذي سيؤول إليه ، ومصبح نفسه شخصية لا تقل غرابة عن عشبة ، لا لأنه تزوجها ، فمثل هذا الزواج قد يحدث في الحياة الواقعية ، لكن الغرابة في مبالغته في الهيام بها وتدليلها وتزيينها بالذهب والأقمشة ، بل يغار من الماعز الذي تبرك تحته عشبة لتشرب حليبه . في النهاية يُـصاب مصبح بشيء من الخبل وينحل جسمه ، وبعد وفاة عشبة يتصرف كالحيوان . ورغم غرابة عشبة إلاّ أنها من الشخصيات الفاعلة ذات جوهر سحري غريب يمارس تأثيرًا قويًا فيمن حوله
3- غـرابة الـُبـنـيـة :
يجب أن نشير أولاً أن ليس هناك بنية لقصة الواقعية السحرية ، لا عند الكتاب الإماراتيين ولا عند الكتاب العرب أيضًا ، بل حتى ماركيز – أبو الواقعية السحرية – يتبنى البنية القصصية الكلاسيكية ، ولم ترد عنده بنية جديدة ذات أبعاد سحرية .
لكن هناك محاولات لبعض الكتاب الإماراتيين للبحث بوعي عن بنية ذات هوية جمالية متميزة لقصة الواقعية السحرية ، وفي مقدمة هؤلاء عبد الحميد احمد وسلمى مطر سيف .
ففي قصة ( خرّوفة ) لعبد الحميد أحمد من مجموعة ( على حافة النهار ) تتضح غرابة البنية في تعدد الرواة وتداخل الأزمنة بشكل لافت للنظر ، ففي القصة ما يقرب من ثمانية رواة من شخصيات القصة ، إضافة إلى الراوي الرئيسي الذي يمسك بخيط الأحداث ، ومن شهادات كل الرواة يستطيع القارئ أن يقف على حقيقة الشخصية المحورية ( محمد صالح ) ، الذي يرمز إلى جيل مضى وانقضى ومات من جراء التطور الحضاري ، كما مات هذا الرجل الخرافي تحت عجلات تلك الآلة الحضارية المتحركة ( السيارة ) . وتعدد الرواة بالضرورة يفضي إلى تعدد أزمنة الخطاب السردي ومستوياته ، فهناك زمن ( أم عبد الله ) إحدى الشخصيات ، وهناك زمن الرواة الآخرين ، ثم زمن الراوي الرئيسي ، إلا ّ أن كل هذه الأزمنة تصب في مجريين ، الجيل الحاضر المستمر ، والجيل الماضي المنقضي .
لا شك أن ملامح هذه البنية التي قد تستمد وجودها من البنية الفنية للتراث السردي العربي والمتسم بالغرابة والعجائبية ، تظل بنية غير مكتملة ، لأن ملامحها يمكن أن تكون في أعمال سردية سحرية وأخرى غير سحرية .
4- غرابة الصورة :
نضيف إلى ذلك الصورة في الواقعية السحرية الإماراتية التي تأتي غريبة هي الأخرى ، مثل صور مريم جمعة فرج التي تتميز بالغرابة ، مثل غرابة الصورة – من قصة ( جفول ) – … ( تموت وتسكن شفاهها المتورد بالحلم ) ، و في قصة ( عبّار ) طالعنا صورة … ( كتل الذباب السوداء التي تلحس الأرصفة اللزجة ) . وسعاد العريمي في قصة ( كوابيس نبتة توامية ) تقدم حشدا من الصور الغريبة مثل … ( هذا هو الصباح ينبلج كفوهة بركان ، وتلك التي تجلس على حافة البئر .. تبتلع عصافير الفرح .. الكون يرتدي أسمال الكوارث على مهل .. والجو يتعرى من ثوبه المغبر بقنوط واضح . كل شيء ينبىء بالضياع والتمزق ) . . . والأمثلة كثيرة .
ولعل أول ما يلاحظ على هذه الصور غرابتها وسرياليتها ، وأنها ذات عناصر متباعدة متنافرة لا يمكن تآلفها منطقيًا ، وتلعب الملكات الخيالية التي تنبع من الوعي أو اللاوعي الدور الأساسي في إبداعها ، وأحيانا تأتي الصور على شكل تراسل الحواس على طريقة الرمزيين .
ومهما يكن فإن القاص يستخدم مثل هذه الصور كأداة للإيحاء بالاضطراب والضياع والتمزق الذي تحسه الشخصية .
5- غـرابـة الـلـغــة :
ونعني هنا غرابة النسيج اللغوي والتراكيب والأساليب الخارجة عن مألوف النسيج اللغوي القصصي العادي . ولعل مريم جمعة فرج تمتاز بلغة مكثفة متوترة حادة تنسجم مع طبيعة الشخصية أو الحدث ، ففي قصة ( صالح مبارك ) تصف القاصة السكون الذي يحاصر الشخصية … ( كان السكون من الغرابة بحيث أنه صار ينتشر كالوباء بين الردهات ، بينما استمر هو يحدق في الثقوب المظلمة وفي سيقان الممرضات الرفيعة ، ثم يتخيلهن يزاولن الطلق … ) .
و في قصة ( ضوء ) للقاصة نفسها ، نقرأ ( قالت موزة وهي بذاكرة كالمبللة . أيها الناس استيقظوا . كان لموزة جزء من حفيف السهول الباطنية وليلة الجبل الطويلة في الذاكرة وأشياء أخرى … ) . فالأسلوب في ( صالح مبارك ) ينسجم مع الهواجس الغريبة التي تسكنه ، والذي كان يتوقع قدوم المهدي المنتظر ، أما المثال الثاني ، فالأسلوب الغامض ينقل نفسية موزة المضطربة ، في غموض يصل حد الغرابة . إن أسلوب مريم أسلوب ذاتي داخلي يستهدف التعبير عن الهواجس الداخلية لشخصياتها . وعلى نفس الشاكلة تقريبا نجد غرابة الأساليب عند سلمى مطر سيف ، وعبد الحميد أحمد .
ثانيًا : واقعية المضمون :
إن الحديث عن الواقعية السحرية كشكل ومواضيعها الفكرية والاجتماعية والإنسانية التي تمت للواقع الموضوعي بصلات قوية ، حديث طويل ومتشعب . فالإشكالية بين الشكل والمضمون طرح ولا يزال يُطرح على شكل سؤال … هل الواقع الذي يتناوله الواقعيون السحريون هو الواقع الماثل أمام العين والإدراك المباشر ، أم أنه ذلك الواقع المجهول كما ترى ناتالي ساروت ؟ . ولا نود هنا أن تسترسل في عرض الإشكالية ، لكننا نحاول تفحص المضمون في الأعمال القصصية الإماراتية التي توظف تقنيات الواقعية السحرية .
ُتـقـسم الأعمال القصصية من حيث طبيعة الواقع إلى قسمين : الأعمال القصصية ذات الواقع المحدد المعالم ، والأعمال القصصية ذات الواقع السحري أو المجهول . ففي قصة ( نسمة هواء طائشة ) يعالج عبد الحميد أحمد واقعا محدد المعالم ، وهو موضوع الفقر الذي يعاني منه ( ناحل ) والذي يرمز لشريحة اجتماعية معينة في القصة ، والشيء نفسه في قصة ( خرّوفه ) – للقاص نفسه – فالشخصية ( محمد صالح ) يرمز إلى جيل ينتهي ببداية عهد جديد هو التطور الحضاري والفكري والمادي . وأعمال أخرى فيها الواقع المحدد المعالم ، مثلما نجد في مجموعة ( الـشقـاء ) لعلي عبد العزيز الشرهان .
أما الواقع المجهول فيمكن أن نجد عينات تعكسه أو تومئ إليه ، مثل قصة ( الثعبان ) لسلمى مطر سيف ، التي تلامس عالم الجن ، فبطل القصة يتزوج جنية وينجب منها أبناء ، وهو عالم مليء بالأسرار ، إذا انتهك سـتـره يُـعاقب هاتكه كما عوقب الراوي ومُـسخ ثعبانـًا يسعى بين الأشجار .
على أننا نجد الواقعين : المحلي أو المحدد المعالم ، والواقع المجهول الذي لا يدرس إلا بالحدس في قصة واحدة ، كما في قصة ( خرّوفه ) لعبد الحميد أحمد ، وهذا نابع من براعة القاص الذي استطاع التوافق بين عالمين : الظاهر و الباطن .
أخيرًا فإن تجربة الواقعية السحرية في القصة القصيرة الإماراتية تبدو متكاملة إلى حد ما ، وهي في الوقت نفسه تشي بتطور مفهوم الأدب ووظيفته باعتباره تعبيرًا فنيـًا عن الواقع وليس تقريرًا مباشرًا يسجل الواقع تسجيلا فوتوغرافيًـا . كما تدل هذه التجربة على مدى متابعة الكتـّاب الإماراتيين لما تمر به الآداب العالمية من تجارب وتيارات ومذاهب .
الـخـاتـمــة
تعد القصة القصيرة في الإمارات أكثر أشكال التعبير الأدبي زخماً ووضوحاً وتنوعاً وانتشاراً بين القراء ، وأكثرها تطوراً وتجريباً
في هذا البحث الذي ناقشنا فيه تطور فن القصة القصيرة في الإمارات شكلاً ومضموناً، ركّـزنا فيه القول حول التطور الفني للقصة الإماراتية ، ووقفنا بشكل كبير عند أحدث أشكال التجريب الذي وظفه كتاب القصة القصيرة في الإمارات ؛ وهو الواقعية السحرية .
ولرسم صورة لتطور القصة الإماراتية في مضامينها وفنيتها ، قدمنا للبحث بمقدمة سعت إلى إبراز أهمية القصة القصيرة ، كأهم شكل من أشكال التعبير الأدبي على مستوى العالم ، ودورها في رصد حركة الواقع .
ثم قسمنا الموضوع إلى أربعة مباحث ، تعرض المبحث الأول منه إلى نشأة وبدايات القصة القصيرة في الإمارات منذ 1968 ( بدايات القصة الإماراتية ) ، ودور الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى ، إضافة إلى النوادي الرياضية والثقافية ، والمؤسسات التعليمية والجامعية والثقافية في تطور القصة القصيرة الإماراتية كماً وكيفاً.
وتعرضنا في المبحث الثاني إلى أهم الموضوعات التي عالجتها القصة الإماراتية ، وهي في مجموعها تعبير عن الواقع الاجتماعي المحلي المتغير ورصد تناقضاته . ووقفنا بشكل متأن ٍ عند موضوعة البحر الذي يعد أهم خاصية من خصائص القصة الإماراتية .
في المبحث الثالث ناقشنا فيه الشكل الفني للقصة الإماراتية وتطوره منذ نشأتها حتى أخر مرحلة من مراحل التطور الفني ، مروراً بالشكل التقليدي ، والنزعة الرومانسية ، ثم الواقعية بأشكالها المختلفة من الفوتوغرافية ، إلى النقدية ، إلى الأشكال التجريبية المتعددة ، وصولاً للواقعية السحرية .
وخصصنا المبحث الرابع للحديث عن الواقعية السحرية – بشكل واسع – ومدى نجاح كتـّّاب القصة القصيرة الإماراتيين في توظيفها في الشكل والمضمون ، حيث ناقشنا ملامح الشكل الفني أولاً : من حيث الحدث ، والشخصية ، والبنية ، والصورة ، واللغة ، وثانياً : واقعية المضمون كما عكستها الواقعية السحرية في القصة الإماراتية .
وأخيراً أشرنا لأهم النتائج التي توصل إليها البحث . ولعل أكثر ما واجهناه من صعوبة في إعداد البحث قلة المراجع النقدية التي تعالج فن القصة القصيرة في الإمارات،
وقد يكون هذا البحث خطوة لفتح باب الدراسات النقدية المستفيضة والعميقة للقصة القصيرة في الإمارات باعتبارها أكثر أشكال التعبير زخماً وتطوراً في الحركة الأدبية في الإمارات .
نتائج البحث
من خلال مناقشة فن القصة القصيرة في الإمارات ، ورصد مظاهر تطورها منذ نشأتها ، وأشكال التجريب الذي راده كتـّاب القصة القصيرة الإماراتيين ، توصلنا إلى النتائج الآتية :
أن القصة القصيرة في الإمارات استفادت – في مسيرتها – من التجارب القصصية العربية والعالمية ، مما جعلها تختصر فترة النشأة التي مرّ بها الشكل السردي العربي والعالمي ، إذ سرعان ما بدأت تتطور ، بل وتخوض غمار التجريب منذ الثمانينات .
يُلاحظ كثرة كتـّاب القصة القصيرة في الإمارات مقارنة بالشعراء وكتـّاب المسرح والتشكيليين ، ويُلاحظ أيضاً – بوضوح – زيادة كاتبات القصة القصيرة . ومنهم – من كلا الجنسين – من المبدعين المتميزين فنياً بشكل لافت للنظر .
تأكيد كتـّاب القصة القصيرة الإماراتيين على تطوير أعمالهم ، من حيث الشكل أو المضمون ، وإصرارهم على خوض مغامرة التجريب ، وكسر الأسلوب التقليدي للقصة القصيرة ، سواء في اللغة أو الأسلوب أو الشكل البنائي للقصة .
ورغبة في التجريب والابتكار جرّب كتـّاب القصة القصيرة أسلوب الواقعية السحرية ، ونجح بعضهم إلى حد كبير في توظيفها توظيفاً فاعلاً . غير أن لجوء كتـّاب القصة الإماراتيين لتجريب الواقعية السحرية يؤكد تطور مفهومهم لطبيعة الأدب ، واطلاعهم على النماذج الناجحة في القصة العربية والعالمية بشكل واسع .
إذا كان الحديث عن اتجاهات القصة القصيرة الإماراتية حديثاً ربما سابق لأوانه ، فلا تزال التجارب القصصية الإماراتية في طور الشباب – عمراً لا نـُضجاً – من خلال تصميم كتـّابها على التطوير والتجريب ، غيرأننا نلحظ ملامح اتجاهات تتعايش في القصة الإماراتية ولا تتعاقب ، كالاتجاه الرومانسي والواقعي والرمزي والأسطوري وربما حتى الوجودي .
أولا ًً : الـمـراجــع
البيريس ر. م ، الرواية الحديثة ، ترجمة جورج سالم ، الطبعة الأولى ، منشورات عويدات ، بيروت ، لبنان ، 1976 .
نسـاج ، سيد حامد ، الـقـصـة الـقـصـيــرة ، الطبعة الأولى ، دار المعارف ،القاهرة ، مصر، 1977.
يحيى حقي ، فجر القصة المصرية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، مصر ، 1975.
يوسف الشاروني ، القصة القصيرة : نظريا وتطبيقاً ، الطبعة الأولى ، كتاب الهلال ، العدد 316 ، القاهرة ، مصر ، 1977
الطاهر أحمد مكي ، القصة القصيرة : دراسة ومختارات ، الطبعة الثانية ، دار المعارف ، القاهرة .
محمد غنيمي هلال ، النقد الأدبي الحديث ، دار الثقافة ، بيروت ، لبنان 1973 .
علي شلش ، في عالم القصة ، الطبعة الأولى ، مطبوعات الشعب ، القاهرة ، مصر ، 1978 .
ضياء الصديقي ، فنية القصة في كتاب البخلاء للجاحظ ، عالم الفكر ، المجلد العشرون ، العدد الرابع ، وزارة الإعلام ، الكويت ، يوليو ، 1990 .
عبد الحميد أحمد ، توصيفات عامة حول القصة والرواية في دولة الإمارات ، من أبحاث الملتقى الأول للكتابات القصصية والروائية في الإمارات، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات 1989 .
الرشيد أبو شعير، مدخل إلى القصة القصيرة الإماراتية ، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتـّاب وأدباء ، الشارقة ، الإمارات ، 1988 .
ضـيــاء الصديقي ، البيئة المحلية في القصة القصيرة في الإمارات ، من أبحاث الملتقى الثاني للكتابات القصصية والروائية في الإمارات، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتـّاب وأدباء الإمارات، الشارقة ، 1992
ثابت ملكاوي ، الرواية والقصة القصيرة في الإمارات ، منشورات المجمع الثقافي ، أبو ظبي ، دولة الإمارات .
محمد المطوع ، العمالة الوافدة . . . دراسة سوسيولوجية ، من أبحاث الملتقى الثاني للكتابات القصصية والروائية في الإمارات، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الشارقة، 1992
ضياء الصديقي ، البيئة الاجتماعية في قصص محمد المر ، مجلة شؤون اجتماعية ، العدد الثاني والعشرون، جمعية الاجتماعيين، الشــارقة ، دولة الإمارات ، 1989.
د/ نجيب العوفي ، الخصوصية المحلية في القصة القصيرة الإماراتية ، من أبحاث الملتقى الثالث للكتابات القصصية والروائية في دولة الإمارات ، الطبعة الأولى، منشورات اتحاد كتـّاب وأدباء الإمارات، الشارقة ، 1993 .
الرشيد أبو شعير ، صورة البحر في القصة القصيرة الإماراتية ، حوليات كلية الآداب ، الحولية التاسعة عشرة ، جامعة الكويت ، الكويت ، 1999 .
ثانياً: المجموعات القصصية
أسماء الزرعوني ، همس الشواطىء ،الطبعة الأولى، مطابع البيان ، دبي، 1995.
حارب الظاهري ، مندلين ، الطبعة الأولى، منشورات اتحاد كتاب وأدباء
سعاد العريمي ، طفول ، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الشارقة ، 1990.
سلمى مطر سيف ، عشبة ،الطبعة الأولى، دار الكلمة للنشر، بيروت، لبنان،1988
سلمى مطر سيف ، هـاجـر، الطبعة الأولى، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الشارقة ، 1991
عبد الحميد أحمد ، السباحة في عيني خليج يتوحش ، الطبعة الأولى ، دار الكلمة ، بيروت ، لبنان ، 1982 .
عبد الحميد أحمد ، البيدار ، الطبعة الأولى ، دار الكلمة ، بيروت ، لبنان ، 1982 .
عبد الحميد أحمد ، حافة النهار ، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الشارقة ، 1992 .
عبد الرضا السجواني ، الرفض ، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد وأدباء الإمارات الشارقة ، 1992 .
علي عبد العزيز الشرهان ، الشقاء ، الطبعة الثانية ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الشارقة ، 1992 .
محمد الـمـر ، المجموعة الكاملة ، الطبعة الأولى ، دار العودة ، بيروت ‘ لبنان ، 1992.
ناصر جبران ، ميادير ، الطبعة الأولى ، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات