11

“بني عاشق” حكاية من الزمن المزيج – عبدالله محمد السبب

(واجب الوجود، عقل محض يعقل ذاته بذاته؛ فهو عاقل ومعقول في آن واحد)*. “أبو نصر محمد الفارابي”

الراوي:

ناصر يوسف عبيد البكر الزعابي؛ مواليد رأس الخيمة، دهان 1979م. شاعر وكاتب إماراتي، عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، عضو تحرير مجلة “قاف” الشعرية، عضو تحرير مجلة “نخيل” التراثية. بدأ الكتابة عام 2009م، وبدأ النشر عام 2015م. يقرض الشعر النبطي والتفعيلة والنثر، غُنّيت العديد من أشعاره. يكتب المقالات والدراسات الأدبية. شارك في العديد من الفعاليات الأدبية والثقافية في الدولة. حظيت إصداراته بقراءات ودراسات أدبية نقدية لأقلام نقدية إماراتية وعربية.

الرواية:

“زمن بني عاشق”؛ ط 1، 2021م، للمؤلف الإماراتي ناصر االبكر الزعابي، والناشر المصري “المثقف للنشر والتوزيع”.

الإهداء: إلى روح الأديب الإماراتي ثاني السويدي “رحمه الله” (يوليو: 1966م – 2020م)، صاحب الرواية الشعرية اليتيمة “الديزل”، بطبعاتها العربيات الست، والنسخة الروائية الإنجليزية؛ منذ انطلاقتها الأولى عام 1994م، وحتى عام 2012م التي شهدت النسخة الإنجليزية على يد “وليام  هوتكنز” الذي قال في تقديمه لها: (إنّ الرواية “نمط أدبي مغاير يحمل سمات القصة المعاصرة، مكتوبة بلغة شعرية قريبة من قصيدة النثر، وهي قريبة من السرد الفني المباشر”).

شخصيات رئيسة “محورية”: أحمد بن بغداد “العراق”، أمين شديد عبدالقوي “مصر”، نجم سالم “الإمارات”.

شخصيات مساندة: ابن الرومي، حافظ إبراهيم، سالم أبو جمهور، أبو نواس، أحمد رامي، كريم معتوق، بشار بن برد، صالح جودت، حبيب الصايغ، أبو العتاهية، أمل دنقل، إبراهيم الهاشمي، كامل الشناوي، عبدالله الهدية، سلمى القراطيسي، جليلة رضا، فيودور دوستويفسكي.

شخصيات متممة: أبو نصر محمد الفارابي، أنطوان دو سانت اكسوبيري، تشارلي تشابلن.

شخصيات أخرى: تظهر على مسرح الأحداث عبر 18 مشهداً على مدى 114 صفحة:

  • المسرح الأول: (سلمى البغدادية والدة أحمد بن بغداد، إسماعيل العطار والد أحمد بن بغداد، الجارية الفارسية معصوم ووالدها، تاجر الأقمشة سليم البغدادي وابنته فيروز، خزامة طبيبة الأعشاب، بديعة عاملة سابقة مع كاهنة عجوز).
  • المسرح الثاني: (شديد عبدالقوي والد أمين، الحاج عبدالغني، الشاب الريفي أشرف، صفية ابنة خال أشرف، سمية عبدالرحيم طالبة الفلسفة زميلة أمين شديد، زوجا سمية الثاني والثالث).
  • المسرح الثالث: (والدة نجم وشقيقاته الأربع، صالح صديق نجم، حنان مسؤولة الدعاية والنشر، طلال لاعب كرة القدم حبيب طفولة حنان، منى حسن موظفة شركة الدعاية والنشر، زوج منى “طليقها”، العم با بكر موظف في الشركة، عائلة منى، طبيب نجم).

الزمكان:

الزمان والمكان: (1) مدينة بغداد، عاصمة الخلافة العباسية الأولى، في عهد الخليفة العباسي الخامس “هارون الرشيد”. (2) القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية، في بداية الستينيات من القرن العشرين. (3) منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين في دولة الإمارات العربية المتحدة وحتى مطلع الألفية الثالثة.

 

القصة الروائية:

(علّمتنا الحياة أن الحب لا يعني أن يحدّق اثنان في بعضهما البعض، بل أن ينظر كلاهما في اتجاهٍ واحد)*: “أنطوان دو سانت اكسوبيري”

في رواية “زمن بني عاشق”؛ ثمة ثلاث قصص قائمة في جوهرها على العلاقة الاجتماعية للمكوّن الأُسري المتمثل في الحب والعشق بين جنسين بشريين في ثلاثة أزمنة متباعدة: (1) في بغداد زمن الخلافة العباسية الأولى؛ بين “ابن بغداد” أحمد بن إسماعيل بن عبدالله العطّار و”فيروز” ابنة تاجر الأقمشة “سليم البغدادي”. (2) في جمهورية مصر العربية؛ بين طالب الفلسفة الصعيدي “أمين شديد عبدالقوي”، وابنة القاهرة زميلته الجامعية “سمية عبدالرحيم”. (3) في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حب “حنان” لـ”نجم”، وحب بين “نجم سالم” و”منى حسن”.

جاءت نتائج قصص العشق الثلاث تلك على النحو التالي:

(1): في العهد الزمني الأول؛ أثمرت القصة عن زواج “أحمد بن بغداد” بـ”فيروز سليم البغدادي”. يقول المؤلف: (تزوج “أحمد” من “فيروز” في زفافٍ بغدادي بهيج وانتصر لعقله وقلبه معاً../ لا أخبار عن “معصوم” منذ رحيلها إلى موطنها): (ص: 111 – 112).

(2): وفي العهد الزمني الثاني؛ لم يتحقق النجاح لقصة الحب بين “أمين شديد عبدالقوي” وزميلته الجامعية “سمية عبدالرحيم”، لاختلاف العادات والتقاليد والميول النفسية والفكرية تجاه الحياة الاجتماعية وأحلام المستقبل. يقول المؤلف: (أصبح “أمين شديد عبدالقوي” واحداً من أهم المفكّرين في الوطن العربي شقّ حياته العلمية بثبات، تزوّج من إحدى قريباته وواصل الدراسة بجدٍ وإخلاص../ لا جديد في حياة “سمية”.. فشل عاطفي متواصل.. ثلاثة زيجات من نفس الطبقة والمستوى والنتيجة الصفرية الحتمية في نهاية المطاف لكنها نادمة على أنها أضاعت “أمين” إلى الأبد): (ص 112).

(3): وفي العهد الزمني الثالث؛ لم تتمكن “حنان” من الزواج بـ”نجم” لإعراض “نجم” عن الاقتران بها بسبب الفوارق الاجتماعية بين عائلة “حنان” وعائلة “نجم”، كما لم يتمكن “نجم” من الزواج بـ”منى” بسبب العارض الصحي الذي تعرض له “نجم” الذي لأجله أجّل موعد التقدّم لخطبة “منى”. يقول المؤلف: (أنتِ سليلة عائلة كبيرة وأنا ابن عائلة فقيرة جداً لا يكاد يعرفها أحد، كيف سيقبلون بي بالله عليكِ)، (“حنان” افهميني سيرفض أهلك تزويجك من شخص مثلي ليس لفقري ليس لمهنتي بل لأصول عائلتي كما تعرفين): (ص: 59 – 60). (أصبحت حنان فيما بعد كاتبة مرموقة لكنها لم تتزوج أبداً): (ص 61). (تزوجّت “منى” وعاشت حياة سعيدة هادئة ولم تعرف بحكاية “نجم” إلاّ بعد سنواتٍ عدّة../ رحل “نجم” عن هذه الدنيا عام 2002م إث حادث سيرٍ أليم وبقيت قصّته في عُهدة الكاتب حتى لحظة كتابة هذه السطور): (ص: 112 – 113)، وما سطّره المؤلف في نهاية الكتاب، يؤكد ما قاله في البداية: (تنويه: رُويت حكاية “نجم سالم” وفق ما رواه شفاهياً): (ص 7).

 

نافلة التطواف:

(الزمن هو أعظم الكُتّاب، لأنه دائماً يكتب أعظم النهايات)*: “شارلي تشابلن”

في ختام رحلتنا السريعة في مناخات وأجواء “زمن بني عاشق”، نسجل بعض الملاحظات:

  • اشتملت الرواية على ثلاث حكايات في أزمنة متباعدة في 94 صفحة من الحجم A5.
  • جاءت الحكاية الأولى في 33 صفحة، عبر المقاطع (1، 4، 7، 10، 13، 16)، وجاءت الحكاية الثانية في 33 صفحة، عبر المقاطع (2، 5، 8، 11، 14، 17)، وجاءت الحكاية الثالثة في 28 صفحة، عبر المقاطع (3، 6، 9، 12، 15)، فيما جاء المقطع (18) تبيان لما آلت إليه الحكايات الثلاث من نهايات، سواء كانت متوقعة أم غير متوقعة، مارس فيا الكاتب دور “السيناريست” الذي يطلعنا في نهاية بعض الأعمال الفنية على مصائر بعض الشخصيات كما هو الحال في المسلسلات والتمثيليات التلفزيونية، والأفلام السينمائية وسواها من أعمال فنية.
  • كذلك؛ يلاحظ أن الجمل في معظم الصفحات بدت متباعدة عن بعضها البعض في الفقرة الواحدة التي تتطلب التتابع والتقارب في مثولها في السياق العام للفقرة، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تقليص عدد صفحات الحكايات الثلاث مجتمعة من 94 صفحة إلى أقل من ذلك بعدد لا بأس به من الصفحات.

والسؤال الآن:

  • هل “زمن بني عاشق” رواية من ثلاثة فصول، أم مجموعة قصصية من ثلاث قصص وزّع الكاتب أحداثها بشكل متقطع ليقفز بالقارئ من مشهد إلى مشهد ليجبره على قراءة القصص الثلاث دون أدنى تفكير بالانسحاب من القراءة؟ لاسيما وأن الحكايات الثلاث لا ترتبط في ما بينها برابط موضوعي من حيث الزمان والمكان، باستثناء الفكرة المحورية التي نسج الكاتب خيوطها بمعادلة تتغذى في فكرتها على الصراع الأزلي النفسي بين العقل والقلب: (هل الحب فكرة عقلية، أم عاطفة قلبية؟): (ص 15)..!!

“بني عاشق” حكاية من الزمن المزيج – عبدالله محمد السبب

عبدالله محمد السبب

14 فبراير 2022م